أكد أ.د/ إبراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر خلال زياراته الميدانية لفرع الجامعة بالوجه القبلى، أنه جاء منصتاً، ومستمعاً، لكل الأسئلة من أبنائه الطلاب، وزملائه من أعضاء هيئة التدريس، شريطة أن يكون الحوار شفافاً، وصادقاً، إيماناً بأن مثل هذا النوع من الحوار هو الذى يجسر الفجوة بين الأساتذة والطلاب، ويرسخ قيم التواصل، وصنع القيادات فى مناخ من الحرية، وشدد الهدهد على أن الأزهر الشريف هو الوريث الحقيقى لعلم النبوة، وذلك لأنه يربى أبناءه، ويكونهم بتربية خاصة، بمزيج من ثلاثة أمور؛ تبدأ بتعليمهم علوم المنقول، أى القرآن والسنة، وكيفية نقلها الينا، ثم تعليمهم علوم المعقول، كالفقه، والمنطق، والآلة، وبذلك يستطيع الطالب الأزهرى، أن يعمل عقله فى فهم النص المقدس، ثم يعلمهم ما يتعلمه أندادهم فى التعليم العام، فينشأ الطالب الأزهرى على هذه العلوم الثلاثة، فلا تخاصم عنده بين العقل، والنقل، ولا تخاصم عنده بين علوم الدين، والدنيا.
وخلال وجوده بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بقنا أكد الدكتور الهدهد أن الكلية تضم بين مبانيها وجنباتها أساس الدراسة فى الأزهر الشريف من خلال احتواء هذه الكلية للشعب الثلاث وهى اللغة العربية وأصول الدين والشريعة الإسلامية والتى هى مقصده الأعظم منذ أكثر من ألف عام فكلية الدراسات الإسلامية تجمع المثلث المعرفى المهم جدا والذى ينهض برسالة الأزهر الشريف بدءاً بعلوم الوسائل لا تعصباً لما أتخصص فيه أنا كرئيس للجامعة وهى العربية والتى قيل عنها من ملك العربية أخذ بناصية العلوم كلها ثم نثنى بعد ذلك بأصول الدين ثم نثلث بعد ذلك بالشريعة الإسلامية وكونها هى التى تقوم على حراسة الإسلام فقسم الشريعة يعنى بضبط ظاهر الناس بمعنى ضبط كيفية تأدية شعائرهم وكيف يتعاملون فيما بينهم فهذا هو الإسلام ولا يهمنى من أخى المسلم إلا ظاهره ولا يحل لى بحال من الأحوال أن ألج باطنه ولا أن أدخل إليه، أما باطن المرء فأمره متروك إلى الله تعالى "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" ثم تكون علوم أصول الدين لتكون على حراسة الأمرين التاليين وهو الإيمان؛ لأن الايمان هو انضباط الباطن والإسلام هو انضباط الظاهر فإن اجتمع الانضباطان وانضبطا كان الركن الأخير وهو الإحسان بأن يعبد العبد ربه وكأنه يراه؛ ولذلك فإن علوم أصول الدين على ثلثى هذا الأمر إذ تقوم على حراسة العقيدة وعلومها تكون على ذلك وتقوم على تزكية النفوس وهو علم التصوف الحقيقى الذى توافق أهل العلم فى التصوف أنه ثلاث خطوات فقالوا: "الشريعة باب والطريقة آداب والحقيقة لباب فإذا كانت هذه الأمور الثلاثة كان الصفاء والنقاء والمشاهدة" على حد ما حدث للفاروق عمر رضى الله عنه ومن صحابته النبى من مشاهدات طوت المسافات ورفعت الحجب الكثيفة وقربت كل بعيد وانكشفت لهم حجب الغيب كما هو ذائع مشتهر فى الكتب الصحيحة التى ضمت مثل هذا الكلام.
وأوضح الهدهد أن مثل تلك الكليات الثلاث: اللغة العربية وأصول الدين والشريعة الإسلامية تقوم على رسالة هى غاية فى الأهمية وهم مصدات رياح الإلحاد العاتية التى تهب على الأمة والتى لا يستطيع أن يتصدى لمثل هؤلاء الذين لا يعرفون عن الإسلام شيئاً ويحاربونه والذين لا يعرفون عن الأزهر شيئاً ويحاربونه أيضاً أما حرباً قائمةً على استئجار وأما حرباً جاهلة واما حرباً متعمدةً ونحن فى الأزهر الشريف نعانى من هذا وليس هذا فى زماننا وحده ولكن الإعلام قرب المسافات وكذلك وسائل التواصل الاجتماعى؛ ولذلك استشعرنا كأزهريين سعار هذه الحرب وأن الأمر المسلم به أنه منذ وجد الإسلام فى عهده الأول فى مكة المكرمة والحرب مستمرة تتنوع مظاهرها وأشكالها إلى يوم الناس هذا ولا يتورع كل عدو أن يستثمر كل جديد ليعلن حربه على الإسلام.
وتابع الهدهد مؤكداً على حقيقة مهمة وهى أن الأزهر الشريف هنا هو وارث علم النبوة الحقيقى وهو المؤسسة الوحيدة فى العالم كله ونقول هذا بأسس علمية أن الأزهر الشريف هو المؤسسة الوحيدة فى العالم كله التى تربى أبناءها وتكونهم بتربية خاصة بمزيج من ثلاثة أمور تعلمهم منذ المرحلة الإعدادية علوم المنقول أى علوم القرآن والسنة وكيف نقل إلينا القرآن الكريم وكيف نقلت الينا السنة المطهرة ويعلمهم علوم المعقول كالفقه والمنطق والآلة وغير ذلك حتى يستطيع الطالب الأزهرى أن يعمل عقله فى فهم النص المقدس ثم يعلمهم ما يتعلمه أندادهم فى التعليم العام حتى الكتب كما هى فى التعليم العام فينشأ الطالب الأزهرى على هذه العلوم الثلاثة فلا تخاصُم عنده بين العقل والنقل ولا تخاصم عنده بين علوم الدين والدنيا فهذه ميزة تعليمية وتربوية لا توجد فى العالم كله إلا فى الأزهر المبارك الذى ورث فيه احترام التنوع واختلاف الآراء وتدريس جميع المذاهب ولا يوجد ذلك النوع من التعليم فى أى بلد إسلامى خلاف مصر الأزهر.
وانتقل الهدهد بعد تلك الكلمة عن علوم الأزهر وخصائصها إلى حوار واشترط على نفسه أن يجيب على الأسئلة الممنوعة والجريئة.
وبادره أحد طلاب دراسات قنا بنين متسائلا عن خطة تطوير التعليم فى الأزهر؟
- فقال الهدهد: نحن نشارك فى تطوير الأزهر والجامعة والخطة لها أبعاد متعددة وهذه الخطة ناتجة عن دراسة الواقع من حولنا ودراسة الواقع من حولنا تقتضى عدة أبعاد تقتضى أولاً تحسين البنية التحتية تكنولوجياً ومادياً حتى نستطيع مواجهة ما يدور من حولنا من مواقع إعلامية وإلكترونية ممن يحاربون الإسلام والأزهر الشريف يسعى لإقامة قناة فضائية وأعرف ما يدور بأذهان أبنائى الطلاب من مقولة إن إنشاء القناة الفضائية أمر سهل لا يحتاج إلى كل ذلك الوقت وأقول لكم إنه أمر سهل لمن يشترى مسلسلات وأفلام وبرامج ويكون عنده فترات إعلانات تتخلل ذلك الأمر الذى ذكرناه للصرف على المعدات والموظفين والمساحة التى تحجز على القمر الصناعى وطبعاً لا ينبغى أن تخرج قناة الأزهر على الناس بهذا الشكل، ولكن لا بد أن تكون قناة ذات طابع خاص ليست ربحية وإنما قناة تحمل طابع الإسلام الوسطى بألوان متعددة؛ ولذلك يسعى الإمام الأكبر إلى إيجاد الدعم لأن قناة بهذا الشكل لا تقل تكلفتها عن مليار جنيه هذا أمر والأمر الآخر أن الإمام الأكبر الآن يتولى بنفسه تأهيل الكوادر الخاصة من الدعاة الشباب فدرب مجموعة تحت رعاية أساتذة الجامعة وعلماء المشيخة وحينما طورت المناهج فى التعليم قبل الجامعى فى الأزهر الشريف 90% ممن قام بالتطوير من الأساتذة بجامعة الأزهر فهناك خطة فى التعليم قبل الجامعى قد انتهت ونحن فى الجامعة أخذنا عدة خطوات فى تطوير القطاعات؛ فهناك قطاع أصول الدين وقطاع اللغة الخ،، هذا أمر أما الأمر الثانى فى رؤية الجامعة للأمور المستقبلية نحن عندنا عدة أمور منها الزيارات الميدانية مثل هذه الزيارة اليوم لفرع الجامعة بالوجه القبلى فنحن عندنا خطة استثمارية مستقبلية لمدة خمس سنوات تقوم على سد ما تحتاجه كليات الأقاليم من تجهيزات تتم تمويلها من الدولة على ثلاثة مراحل، وكذلك تسعى الجامعة لإنشاء شبكة اتصالات بنظام الفيبر لربط كل كليات الجامعة من أسوان إلى الإسكندرية وهذه الشبكة ستمكن الإدارة المركزية للجامعة من مشاهدة المحاضرات فى أى كلية على مستوى الجمهورية بعد تركيب الكاميرات فى الكليات وهذه العملية تكلفت 220مليون جنيه بدأنا المرحلة الأولى بتكلفة 60 مليون جنيه فى قطاع القاهرة ثم الانتقال مباشرة لقطاع أسيوط.
والتقط طرف السؤال طالب آخر تساءل عن عدم وجود وضعف الدور الاجتماعى لجامعة الأزهر وخصوصاً فى مجال الدعوة؟
- فرد الهدهد على الطالب قائلاً: لا بد أن يكون لك عينان تبصر الإيجابى وترصد السلبى مع إقرارنا أن هناك تقصيراً فما يكون للأزهر فهو للأزهر فى مجال الدعوة وما يكون لوزارة الأوقاف فهو لها مع أن الأوقاف تستعين بأساتذة الأزهر، لكنك يا بنى العزيز تتحدث عن مشكلة هى شأن الدولة؛ فهناك بعض الجهات سيطرت على بعض المساجد وهذا شأن الدولة وليس لجامعة الأزهر دخل فى ذلك فالجامعة مصنع الدعاة والرجال وهذا دورها فى حدود القانون وأعتقد دون شك أننا نقوم به على خير وليس على الوجه الأتم، ولكننا نبذل قدر المستطاع فى هذا الشأن أما مجال الدعوة فيحتاج إلى تشريع قانونى ونحن نقوم به ليس فضلاً بل واجب فى حدود الاختصاصات ولا نمتنع عن الخدمات بل نقدم يد العون فى كل الأماكن ولو بحثت فى المراكز الثقافية لوجدت أن المرخص لهم بإلقاء المحاضرات أساتذة جامعة الأزهر وكذلك الجمعية الشرعية ولو تعقبت يا بنى الدورات التدريبية لرفع مستوى الأئمة لوجدت أن من يقوم بها أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر.
وتساءل طالب آخر عن أكاديمية الأوقاف لتدريب الأئمة واستغناء تلك الأكاديمية عن علماء جامعة الأزهر؟
- فقال الهدهد نحن ما زلنا نبحث هذا الأمر ونضع له اللائحة ونحدد له الأدوار وهذه الأكاديمية الذى سيقوم على التدريب فيها أساتذة جامعة الأزهر - إن شاء الله- تعالى وأنا شخصياً عضو فى هذه اللجنة
وتساءل طالب آخر عن عدم أخذ طلاب فرع أسيوط لمنح دراسية لدراسة اللغات من المعهد البريطانى كفرع القاهرة؟
- فرد الهدهد موضحاً أن دراسة اللغات مثل الإنجليزية والفرنسية والألمانية والعبرية تعتمد فى المقام الأول على الاتفاقيات المبرمة بين الجامعة والملحقيات الثقافية لسفارات بلاد هذه اللغات وهى التى ترفض الخروج خارج القاهرة، ولكن فى الوجه القبلى توجد الشعبة الإسلامية وهم يأتون للقاهرة ويختارون ما يروق لهم من لغات للدراسة لكن فى المستقبل - إن شاء الله- لا مانع من التوسع والتمدد الإقليمى فى هذا المجال.
وتساءل طالب آخر عن ضعف المستوى العلمى لطلاب الأزهر وانصراف البعض منهم لتلقى العلم من بعض من يأخذون الفكر الأزهرى منهجاً..
- فقال الهدهد: هذه المشكلة مهمة وليت السواد الأعظم منكم يجلس لدراسة أسبابها ويتوجهون إلينا كأساتذة لوضع الحلول لها ولكن أود فى هذا المقام أن أنبهكم أنكم الفئة المستهدفة.
وتساءل طالب آخر هل توجد تعليمات أمنية لرئاسة الجامعة بعدم قبول طلبة ملتحين؟
فأكد الهدهد: هذا أمر تتهامسون به فيما بينكم وأنا أعلمه ولكن لو عرضنا تلك المشكلة وناقشناها بالعقل فهل المدينة الجامعية لا يوجد بها طلاب ملتحون وأنا أدعوك للوقوف أمام أبواب المدينة الجامعية لحصر أعداد الطلبة الملتحين.
وانتقل الهدهد إلى كلية الهندسة بفرع الجامعة بالوجه القبلى مفتتحا كلمته للطلاب بسؤال سأله إياه أحد المسئولين: هل يمكن أن تلغى الكليات العملية من الأزهر ويلحقون بالجامعات الأخرى وتتفرع جامعة الأزهر لتدريس علوم اللغة والدين حتى يعود الأزهر قوياً كسابق عهده؟ فقال له أنا معك فى كلمة واحدة أن يعود الأزهر لعهده الأول، وأنا زرت السد العالى وقلت له هل تعرف من الذى حدد مكان السد العالى؟ هو العالم الأزهرى محمد بن يونس المصرى مخترع علم حساب المثلثات وكان من العلماء الذين يدرسون فى الأزهر الشريف وهذا كان سنة 976هـــ وفى هذا الوقت لم يكن فى مصر جامعة واحدة حتى جامعة القاهرة وقلت للمسئول أن محمد على حينما أراد أن يكون نهضته الحديثة فى مصر لم يجد أمامه سوى طلاب الأزهر حتى يرسل منهم للخارج 9 بعثات دراسية للغرب وكانت أول مدرسة للطب بأبى زعبل وعدد طلابها مائة كانوا من طلاب الأزهر الشريف وكذلك الشيخ المعمم رفاعة الطهطاوى الذى أرسل مرشدا وواعظاً للطلاب الأزهريين فى فرنسا فوجد عنده وقت فراغ فحصل على الدكتوراه وعاد وأنشأ الكلية الفنية العسكرية وهو من انشأ حركة الترجمة وقادها فى مصر وكذلك مدرسة الألسن التى أصبحت الآن كلية الألسن بجامعة عين شمس وأنا معك فى أن يكون الأزهر الشريف كسابق عهده تتعانق فيه علوم الدين والدنيا ونحن عندنا فى جامعة الأزهر كليات الطب والهندسة والعلوم والزراعة بعد أن ربينا أبناء هذه الكليات فى التعليم قبل الجامعى على علوم الدين والدنيا وهذا النوع من التحصيل المعرفى لا يوجد إلا فى المؤسسة الأزهرية ورسالة الأزهر الشريف هى تخريج مهندس عالم بدينه وكذلك الطبيب والكيميائى الخ ونحن نعلم أن كتائب التبشير من النصرانية فيهم الطبيب والصيدلى والمدرس والممرضة الخ.
وأكد الهدهد أن الجامعة لا تتردد فى الموافقة على إنشاء قسم الدراسات العليا فى كلية الهندسة فى أى قسم بها متى توافرت مقومات ذلك دون التقيد بباقى الأقسام تيسيراً على الطلاب، وهناك تعليمات واضحة بذلك وكلية الهندسة ستأخذ حظها من التطوير المادى والتكنولوجى؛ نظراً لطبيعة الدراسة فيها من الجامعة فى خطة التطوير المدعومة من الدولة فى مرحلة الخمس سنوات على مراحل وهذا سيشمل توفير الإمكانات للتدريب وتيسير القيام بمشاريع التخرج للطلاب.
وانتقل الهدهد لزيارة كلية البنات الأزهرية بطيبة تفقد سير إنشاء كليات الطب والصيدلة وتوسعة كلية البنات الأزهرية بطيبة والمبنى الإدارى وطلب عميد كلية البنات الأزهرية بطيبة من رئيس الجامعة مخاطبة رئيس جهاز مدينة طيبة بطلب 300 فدان من الأراضى المكتملة المرافق بالمدينة؛ وذلك لبناء باقى كليات الفرع بنين وبنات ليكتمل بذلك فرع جامعة أزهر بمدينة الأقصر برعاية فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر ومن جانبه أبدى رئيس جهاز مدينة طيبة بالأقصر استعداده لتلبية مطلب رئيس جامعة الأزهر وأوضح أن المساحة المتاحة عنده لإنشاء فرع الجامعة 250 فداناً كما وافق رئيس الجامعة على نقل وتم الانتهاء من المخصص المالى لتجهيز المطبخ وفقاً للشروط الصحية والبيئية، كما وافق رئيس الجامعة على طلب عميد كلية البنات الأزهرية بطيبة بفتح شعبة اللغة الفرنسية، وإنشاء وتطوير وتجهيز مركز اللغات والترجمة بالكلية وذلك تحت إشراف المركز البريطانى ودعم الكلية بخمسين جهاز كمبيوتر وطابعة وجار إرسال خمسين جهازا آخر إلى جانب تطوير مركز المعلومات بالكلية وعمل شبكة عنكبوتية مع التوسع فى عدد عمارات المدينة الجامعية وتجهيزها بأحدث الأثاث وسرعة الانتهاء من إيجاد وسيلة مواصلات مجمعة للموظفين نظراً لبعد الكلية الجغرافى.
عاصم شرف الدين