من يتابع حركة السوق المصري في مجال السلع التموينية والمتطلبات اليومية والحياتية يلحظ ارتفاع الأسعار بشكل كبير، الذي أدى إلى انزعاج الناس، وتأثر الفقراء والمحتاجين ومحدودي الدخل بسبب الغلاء وظاهرة احتكار السلع، وتسلط المستغلين من التجار، مما كان سببًا في ارتفاع الأسعار وقد تحدث الفقهاء عن الاحتكار وبينوا معناه؛ قال ابن قدامة في المغني: «.. وأن يكون الشيء المُحتكر من الأقوات التي يحتاج إليها الناس، وأن يُلحِق المُحتكر الضرر بالناس من جراء ذلك الاحتكار»(1).
إلا أن معاني الاحتكار تتسع باتساع احتياجات الناس في هذه الحياة سواء فيما يتعلق بالأقوات أم بغيرها مما يحتاجه الإنسان في حياته، ويتم استغلال تلك الحالة من الاحتياج للمبالغة في رفع الأسعار.
إن هذا النمط من السلوك ينطوي على الظلم، ولذا فإن العلماء اتفقوا على أن الاحتكار حرام، والكسب به خبيث لا يحل لصاحبه، روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: "الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ"(2)..
وروي عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ احْتَكَرَ حُكْرَةً يُرِيدُ أَنْ يُغْلِيَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ خَاطِئٌ»(3).
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ: «مَنْ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَبَرِئَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ»(4).
ولا شك أن الاحتكار دليل على الأنانية والأثَرَة وتغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة مما يكون سبباً في خلق الأزمات في المجتمع، وظهور الغلِّ والحقد بين فئاته وقد عمل الإسلام على محاربة ذلك من خلال الحث على توفير السلع التي يحتاجها الناس بالأسعار المناسبة، والسعي في جلبها وضمان وصولها إلى مستحقيها.
المنفعة الشخصية والتعامل مع الأزمات:
إننا حينما ننظر إلى أحوال الناس وطرق تعاملهم مع الأزمات نقف على صور متباينة من التعاملات فهناك من يسارع في استغلال الأزمات فيلجأ إلى رفع الأسعار بشكل غير مقبول، وهناك من يُرّوجُ للاستغلال ويدعي أن السعر الموجود حالياً للسلعة المعينة سيصل خلال هذا الشهر إلى كذا وكذا؛ مما يؤدى إلى حالة من الإقبال غير المبرر على الشراء بأسعار مرتفعة خشية ارتفاع السعر أكثر من ذلك، ويُعد ذلك تسويقاً غير مباشر للاحتكار، وهذا ما ينسحب على كثير من السلع وعلى سعر الدولار الذي ارتفع بشكل جنوني بسبب الأراجيف وما يتم تداوله عبر المواقع الإلكترونية؛ مما يدفع الناس إلى شراء الدولار وتحويل العملة وتظل الأزمة تتفاقم بسبب المتوالية السلبية من التعاطي مع المتغيرات، ويظل المواطن البسيط يدفع ثمن ما يحدث من اضطراب في الفهم والتعامل وردود الأفعال.
هذا ما يجعلنا نتساءل عن دورنا في مواجهة أزمة الاحتكار.
إن الحياة التي نعيشها تعج بصور الأنانية والاستغلال بدءًا من الأسرة وانتهاءً بالمجتمع فهناك فئات من الآباء والأمهات تقوم علاقاتهم بأبنائهم على الأنانية والأثرة، وعلاقة فئات من الأبناء بآبائهم وأمهاتهم على هذا الحال أيضاً، وهناك فئات من الأزواج تقوم علاقتهم بزوجاتهم على الاستغلال منذ لحظة الاختيار، إنه زواج المصلحة الذي لا يهتم بالمودة والرحمة، بل تحركه المنفعة، فهناك صور كثيرة من العلاقات القائمة على المنفعة الشخصية، مما ينعكس سلبًا على واقع الحياة.
لا شك أن تلك الذهنية التي تنطلق من المصلحة الشخصية دون الاكتراث بمصالح الناس، تعد بمثابة البيئة الحاضنة للاحتكار مما يجعلنا بحاجة إلى التعرف على نظرة الإسلام لهذه الأزمة التي تُمنى بها المجتمعات، وكيف يكون التعاطي مع الظروف القاسية التي يمر بها الناس، هل يقنع الإنسان بدور المتفرج أم يكون له دور إيجابي يسهم من خلاله في حلّ الأزمة، بدل أن يكون من أسباب الأزمة.
إن القرآن الكريم بيّن لنا صورًا رائعة من التعامل مع الأزمات منها على سبيل المثال:
موقف الأنصار من المهاجرين قال تعالى: "وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (الحشر:9)
لقد سجل القرآن الكريم تلك الصورة الرائعة من الإيثار الكريم والتطوع العظيم ليكون درسًا عمليًا للناس على مرّ الأجيال.
قال الإمام البخاري: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ خَرَجَ مَعَهُ إِلَى الْوَلِيدِ قَالَ: دَعَا النَّبِيُّ ﷺ الْأَنْصَارَ إِلَى أَنْ يُقْطِعَ لَهُمْ الْبَحْرَيْنِ فَقَالُوا: لَا، إِلَّا أَنْ تُقْطِعَ لِإِخْوَانِنَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مِثْلَهَا. قَالَ: «إِمَّا لَا، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي فَإِنَّهُ سَيُصِيبُكُمْ بَعْدِي أَثَرَةٌ»(5). تفرد به البخاري من هذا الوجه. وقال البخاري: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَتْ الْأَنْصَارُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ. قَالَ: لَا، فَقَالُوا تَكْفُونَا الْمَئُونَةَ وَنَشْرَكْكُمْ فِي الثَّمَرَةِ؟ قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا(6). تفرد به مسلم.
يعنى: حاجة، أي: يقدمون المحاويج على حاجة أنفسهم، ويبدءون بالناس قبلهم في حال احتياجهم إلى ذلك. وقد ثبت في الصحيح عن رسول الله ﷺ أنه قال: «أفضل الصدقة جهد المقل»(7). فإن هؤلاء يتصدقون وهم يحبون ما تصدقوا به، وقد لا يكون لهم حاجة إليه ولا ضرورة به، وهؤلاء آثروا على أنفسهم مع خصاصتهم وحاجتهم إلى ما أنفقوه. ومن هذا المقام تصدق الصديق (رضي الله عنه) بجميع ماله، فقال له رسول الله ﷺ: «مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟». قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَه(8)ُ. وهذا الماء الذي عُرض على عكرمة وأصحابه يوم اليرموك، فكل منهم يأمر بدفعه إلى صاحبه، وهو جريح مثقل أحوج ما يكون إلى الماء، فرده الآخر إلى الثالث، فما وصل إلى الثالث حتى ماتوا عن أخرهم ولم يشربه أحد منهم، رضي الله عنهم وأرضاهم(9). ماتوا جميعاً عطشى كل منهم آثر أخاه حتى ماتوا جميعاً ولم يشربوا إنها صور رائعة من الإيثار وسمو النفس وتألقها.
يقول الطاهر بن عاشور:
إنك إذا أعمقت التدبر وجدت المؤاساة من مقتضيات الفطرة، فليست المؤاساة بحاجة إلى إيوائها تحت ظل الأخوة؛ لأن المؤاساة كفاية حاجة المحتاج عند الشعور بأنه محتاج، ومن الفطرة الإنسانية انفعالُ النفس برقة ورحمة عند مشاهدة الضعف والحاجة لاستشعار تألم المحتاج، ثم اندفاعٌ بذلك الانفعال إلى السعي في تخليصه من آلام تلك الحاجة، لا يتخلف هذا الإحساس إلا نادرًا، عندما يحف به عارض يعكسه إلى ضده مثل حال عدم الرأفة مما يُتقي أذاه كالعقرب والسبع.
فالمؤاساة أصل من أصول نظام الإسلام وكانت من أول ما دعا إليه الإسلام ونزل به القرآن في أوائل نزوله قال تعالى: " وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16)" [البلد:12-16]
ومن آي سورة المدثر وهي أول القرآن نزولاً: "مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ(43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ" [المدثر:42-44].
وجاء في سورة المزمل وهي من أول القرآن نزولاً: "إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ ۚ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ۚ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ ۙ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ ۙ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ۚ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ۚ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" [المزمل:20] يليه ما ورد في ذلك من الآيات وأقوال الرسول بعد انتشار الإسلام وتتابُع الوحي.
لقد تسابق الأنصار إلى المواساة كل بما يجد فكانوا يواسون المهاجرين بدورهم للسكنى وبأن عرضوا على المهاجرين أن يعطوهم ثمرة نخيلهم، فقال رسول الله: «لا ولكن يكفونكم العمل ويأخذون نصف التمر» وبلغ السخاء ببعضهم أن عرض على بعض المهاجرين أن ينزل له عن إحدى زوجتيه ليتزوجها، ففي صحيح البخاري أن سعد بن الربيع الأنصاري وكان أخًا لعبد الرحمن بن عوف المهاجري بالمؤاخاة التي بين المهاجرين والأنصار وكانت له زوجتان وكان عبد الرحمن عزبًا فقال سعد لعبد الرحمن: انظر أي زوجتيَّ تحب أن أتنازل لك عنها وأعطيك نصف مالي. فقال له عبد الرحمن بارك الله لك في أهلك ومالك ولكن دلني على السوق. وهذا المقدار من المؤاساة أريحية من هذا الأنصاري دلتنا على مبلغ تسابق الأنصار في مؤاساة المهاجرين.
إن المؤاساة تظهر في أنواع كثيرة من الأعمال منها: الزكاة والصدقة والإنفاق والهبة والإسلاف والعارية والإرفاق والعتق بأنواعه. والإسكان والإخدام والمنحة(10).
هذه هي الرؤية الإسلامية في مواجهة الأزمات والإسهام في حلها بشكل عملي يُشعر المسلم بواجبه الإنساني نحو الناس جميعاً المسلم وغير المسلم ولعل موقف عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- من هذا الرجل اليهودي خير شاهد على الجوانب الإنسانية التي يرسخها الإسلام في نفوس أتباعه حتى يستطيعوا مواجهة الأزمات بطريقة تحترم إنسانية الإنسان. فقد أبصر عمر شَيْخًا كَبِيرًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ يَسْأَلُ، فَقَالَ لَهُ: ما لك؟ قَالَ: لَيْسَ لِي مَالٌ، وَأَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنِّي، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا أَنْصَفْنَاك، أَكَلْنَا شَيْبَتَك، ثُمَّ نَأْخُذُ مِنْك الْجِزْيَةَ، ثُمَّ كَتَبَ إلَى عُمَّالِهِ أَنْ لَا يَأْخُذُوا الْجِزْيَةَ مِنْ شَيْخٍ كَبِيرٍ»(11).
فعلى عهد رسول الله ﷺ مر المسلمون بأزمات اقتصادية طاحنة في حصار قريش للمسلمين في مكة وفى الهجرة وفي غزوة تبوك وتجهيز جيش المسلمين وفي عام الرمادة سنة 18هـ في عهد عمر بن الخطاب لكن كيف تم التعامل مع هذه الأزمات؟
فمن الأمثلة الرائعة على عهد رسول الله ﷺ عثمان بن عفان كان أجود الناس بماله في كل محنة وشدة أصابت المسلمين، فعندما قدم النبي ﷺ المدينة والمسلمون معه شكا المهاجرون من قِلّة الماء، وتغير طعمه، ولم يجدوا بها غير بئر واحدة ماؤها عذبة ولكنها كانت ملكاً ليهودي، كان يغالي في ثمنها ويحتكر ماءها.
فقال النبي ﷺ: «من يشترى بئر رومة غفر الله له» فأتى عثمان بن عفان وتفاوض مع اليهودي واشتراها ليشرب المسلمون منها.
ولما ضاق مسجد الرسول ﷺ بالمدينة بالمسلمين، حث الرسول المسلمين على توسعة المسجد.
فقال من يشتري بقعة فلان فيزيدها في المسجد غفر الله له، فتقدم عثمان واشتراها وضمها لمسجد رسول الله.
وفي غزوة تبوك وهي التي تجهز فيها الروم لمداهمة المسلمين، وكان المسلمون في زمن العسرة وشدة جدب الأرض فلما علم النبي ﷺ دعا المسلمين إلى تجهيز جيش المسلمين لقتال الروم والهجوم عليهم في تبوك قبل أن يهاجموا المسلمين، وكان عثمان رجلاً تاجراً قد جهز عيراً إلى الشام فيها مائتا بعير فحوّلها وقال هذه في سبيل الله بما عليها ومائتا أوقية من الذهب فأفرغها أمام رسول الله فصار النبي ﷺ ينكت فيها بعود كان بيده ويقول: ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم.
وقد لقي جيش المسلمين ما لقي من الجهد والجوع في غزوة مؤتة فسارع عثمان إلى تجهيز الطعام والمؤن من ماله الخاص للمسلمين فلما رأى رسول الله ﷺ ذلك رفع يديه إلى السماء وقال: اللهم إني رضيت عن عثمان فارض عنه ثلاث مرات، ثم قال: يا أيها الناس ادعوا لعثمان فدعا له الناس جميعاً.
ولم يقتصر جوده وسخاؤه على عهد رسول الله بل ظل كريماً حتى لقى ربه.
فعلى عهد أبي بكر -رضى الله عنه- أصابت الناسَ شدةُ فقال أبو بكر لا تمسون حتى يفرج الله عنكم فلما كان الغد جاء البشير فقال: قَدِمَتْ لعثمان ألف راحلة تحمل برا وطعاماً فغدا التجار على عثمان فقرعوا بابه وطلبوا منه أن يبيعهم ما عنده فقال لهم عثمان كم تربحوني على شرائي من الشام قالوا العشرة اثنتي عشرة. قال لقد زادوني، قالوا العشرة أربعة عشرة. قال لقد زادوني: قالوا: العشرة خمسة عشر. قال: لقد زادوني، قالوا: ومن زادك ونحن تجار المدينة. قال لقد زادني الله لكل درهم عشرة "مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ" [الأنعام:160]، قالوا: لا نقدر على ذلك.
قال فأشهدكم معشر التجار أنها صدقة على فقراء المسلمين.
إنه نموذج رائع للعطاء والتضحية والقدوة في مواجهة الأزمات، هذا النموذج يُشعرنا بدورنا المجتمعي في مواجهة أزمة الاحتكار وبيّن قدرة كل إنسان على حلّ تلك الأزمة ومساعدة المحتاجين، والتخفيف من معاناتهم من خلال العديد من السُبُل لكن شريطة التسامي على حظوظ النفس والمصلحة الشخصية وتغليب المصلحة العامة.
(1) المغنى لابن قدامة، 4/441.
(2) سنن ابن ماجه، كتاب التجارات، باب الحكرة والجلب، (4412)
(3) مسند الإمام أحمد، 3628.
(4) مسند الإمام أحمد، 8474.
(5) البخارى، كتاب المناقب، باب قول النبي ﷺ للأنصار، (0153).
(6) مسلم،كتاب المزارعة، باب إذا قال اكفني مئونة النخيل وغيره، (7512).
(7) كنز العمال فى سنن الأقوال والأفعال، الفصل الثانى فى آداب الصدقة، ج 6،ص 504.وأخرجه الحاكم فى المستدرك كتاب الزكاة (1/414) وقال حديث صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبى.
(8) سنن أبى داود، باب 14 فى الرخصة فى ذلك، ج 2، ص 45، (0861).
(9) تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، 1581.
(10) أصول النظام الاجتماعى فى الاسلام، محمد الطاهر بن عاشور، 921 - 031.
(11) نصب الراية لأحاديث الهداية، باب الجزية، ج 3، ص 354.