لما أشرقت شمس الإسلام على البشرية نبذ كل عنف واضطهاد قد يعيق استقرار الحياة الأسرية أو المعاملات البشرية، وكان من ضمن هذا العنف الذي نبذه وحرمه الإسلام (العنف ضد المرأة)؛ فقد أصبحنا نعيش أيامًا نرى فيها من يتفنن في شتى أشكاله وصوره، ومن هذه الصور ظاهرة ضرب المرأة بسبب وبدون سبب؛ حيث ظن بعض الأزواج أن الضرب من الرجولة، وأنه بهذا يطبق الشرع؛ استنادًا لقوله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء:٣٤].
ولم يذكر الله تعالى الضرب إلا في هذا الموضع، والمتأمل في الآية الكريمة يجد أن الله سبحانه قد توعد من بغى وظلمهن؛ فإن الله تعالى هو الكبير، وهو وليُّهن، وهو المنتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن.
وقد جهل هؤلاء أن الإسلام قد جعل للضرب ضوابط؛ بحيث يضيق على فاعله، فجعل الضرب هو آخر مراحل التأديب، وأيضًا لا يكون مبرحًا؛ فلا يكسر عظمًا، ولا يشين عضوًا، ويكون للتأديب، وليس للتشفي، ويتناسب مع نوع التقصير، ويجتنب الأماكن الحساسة كالرأس والبطن والوجه، فلما أتت النساء للنبي يشتكين ضرب أزواجهن لهن؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وايم الله، لا تجدون أولئك خياركم»، أخرجه أبو داود والنسائي.
فليتذكر هؤلاء الضرابون قوله تعالى: { إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر:14]، وقد استنكر النبي صلى الله عليه وسلم على هواة الضرب لنسائهم هذه الأفعال فقال: «لاَ يَجْلِدْ أحَدُكُمُ امْرَأتَهُ جَلْدَ العَبْدِ ثُمَّ يُجامِعُها فِي آخر الْيَوْم» متفق عليه.
فيا من تضرب زوجتك وتهينها، اعلم أنك على خطر عظيم؛ فقد تشبهت بأخلاق الجاهلية، وخالفت منهج الإسلام، وما عمِلتَ بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما هذه بمكانة المرأة في الإسلام؛ حيث كرمها الإسلام رضيعة وبنتًا وأختًا وأمًّا، فأوصي النبي صلى الله عليه وسلم بها رضيعة؛ حيث نهى عن وأدها ، وأوصى بها بنتًا و أختًا فقال: «من عال ابنتين أو ثلاثًا أو أختين أو ثلاثًا حتى يَبِنَّ أو يموت عنهن كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وأشار بأصبعيه السبابة والتي تليها"رواه ابن حبان في صحيحه.
وكرمها الإسلام زوجة، بل جعلها سكنًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ» رواه الشيخان.
وأما الأم؛ فقد أعلى من شأنها وقدرها، فلما أتى صحابي للنبي صلى الله عليه وسلم يسأله الجهاد معه قال له النبي: «أمك حية؟»، فقال: نعم يا رسول الله، فقال: «فالزم رجليها، فثم الجنة".
فهذه هي مكانة المرأة عامة، فلا يجوز لأحد كائنًا من كان أن يمارس عليها أعمال العنف، ولنعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للزوجة حقوقًا فقال: «تطعِمُها إذا طعِمْتَ، وتكسوها إذا اكتسيتَ، ولا تضربِ الوجهَ، ولا تقبِّح ولا تهجُر إلّا في البيتِ» رواه الدارقطني، فهذه هي تعاليم الإسلام،
وختامًا نقول: نحن أمة الإسلام، وأولى بتطبيق تعاليمه من غيرنا، إننا بحاجة إلى أن ننهض بمجتمعنا في إطار تعاليم الإسلام ومعاملاته؛ ولذا نذكّر بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرًا»رواه الشيخان.
مقال بقلم / أماني سعد صلاح
منطقة وعظ دمياط