ـ التناول غير المنطقي لحادث اغتيال المستشار هشام بركات يجب أن يصحح مساره وأن يكون في إطار البحث عن الأسباب والدوافع الحقيقية وليس العبارات المعلبة.
ـ الباحث في تاريخ جماعات العنف والإرهاب على مدى تاريخ مصر والعالم لا يجد جماعة منها تخرجت في جامعة الأزهر.
ـ لو كانت مناهج الأزهر تعلم الإرهاب فلماذا لم يضرب الإرهاب أكثر من ١٠٠ دولة يتخرج الآلاف من أبنائها في كل عام في جامعة الأزهر؟!
ـ احتل أبناء الأزهر في الخارج أعلى المناصب في دولهم ومنها رئاسة الدولة ومن بينهم الرئيس العراقي.
ـ القاصي والداني تابع انتقال الرئيس الفرنسي إلى حيث يجلس شيخ الأزهر ليحظى بشرف التحدث إليه.
ـ هل فعل أحد ما فعله شيخ الأزهر حين خرج بكل شموخ من جامعة القاهرة تاركا حفل تنصيب "مرسي" ليعلن للعالم أجمع أن الأزهر عصي على الإهانة أو التهميش؟
ـ هل تساءل المهاجمون عن سبب عجز الأزهر عن إطلاق قناته والمعوقات التي تقف في طريقها وربما توضع بشكل متعمد أحيانا لمنع ظهورها؟
كنا جميعا على يقين من حدوث هذه الحالة الهستيرية والمتوقع استمرارها لفترة في توجيه السهام تجاه الأزهر الشريف وجامعته العريقة بعد اتهام أربعة من طلاب الأزهر من بين ثمانية وأربعين أعلن عن ضلوعهم في الحادث الإجرامي الذي استشهد فيه المستشار هشام بركات ـ رحمه الله ـ ومع تألمنا الشديد لاتهام بعض أبناء الأزهر بالضلوع في تنفيذ الحادث مهما كان عدد المنفذين والمخططين لأن أبناء الأزهر لا ينبغي اقترابهم مجرد اقتراب من هذه العمليات الإجرامية فضلا عن ضلوعهم فيها، إلا أن هذا التناول غير المنطقي لهذا الحادث يجب أن يصحح مساره وأن يكون في إطار البحث عن الأسباب والدوافع الحقيقية وليس العبارات المعلبة والتي تلقى في وجه الأزهر وجامعته بسبب وبلا سبب ويكون المتهم الأول فيها مناهج الأزهر الدراسية وهي بريئة من هذا براءة الذئب من دم ابن يعقوب وذلك للأسباب التالية:
أولا: لا تنحصر الاتهامات في طلاب الأزهر بل تشملهم وغيرهم من المتهمين ممن تخرج في الجامعات والمدارس والمعاهد المصرية وربما غير المصرية فإن كانت مناهج الأزهر هي التي دفعت الطلاب الأربعة للتورط في الجريمة حال ثبوت التهمة وإدانتهم، فهل هي التي دفعت بقية المتهمين من غير الأزهريين إلى التورط في الحادث؟
ثانيا: إن الباحث في تاريخ جماعات العنف والإرهاب على مدى تاريخ مصر والعالم لا يجد جماعة منها تخرجت في جامعة الأزهر، ولا يجد قائدا لجماعة منها ممن تخرجوا في جامعة الأزهر الشريف، وليس من بين من تولوا منصب المرشد في جماعة الإخوان الإرهابية مثلا أزهري واحد ، وليس من بين القيادات المؤثرة في هذه الجماعات أحد من الأزاهرة، ولكن وجدنا من بين تلك القيادات من حمل درجة الدكتوراه من إحدى الجامعات المصرية وشغل منصب رئيس الجمهورية لمدة عام وبسقوطه تفجر الإرهاب ولم تتهم جامعة الزقازيق التي تخرج فيها بالإرهاب، فإذا حشر في صف من صفوفهم الهامشية فرد أو فردان على الأكثر ممن تربوا على فكرهم والتحق بالأزهر ليحمل شهادة وليس علما ولا فكرا فإن هذا لا يحسب على الأزهر، فليس لديه ولا لدي غيره من الجامعات شروط تمنع المصريين من الالتحاق بالمدارس والمعاهد والجامعات ولا فرق في ذلك بين الأزهر وغيره من تلك المؤسسات، فلماذا تلصق التهم بالأزهر وحده؟ ولماذا يحسب الدارس أو الخريج على جامعته وليس على نشأته والجهة الحاضنة له خارج جامعته؟
ثالثا: إذا نظرنا إلى المتهمين الأربعة نجد من بينهم دارسا واحدا درس في كلية الدعوة بينما نجد الثلاثة الباقين لم يدرسوا في كليات الأزهر الأصيلة التي تتهم مناهجها بالإرهاب، والمقررات التي تدرس في كليات المتهمين وهي معهد تابع لكلية العلوم وكلية اللغات والترجمة هي مقررات علمية عملية أو لغات تدرس في كل جامعات مصر، و هذا يعد دليلا عكسيا على من يرمون مناهج الأزهر بهتانا وزورا، فمن يدرسون تلك المناهج ويتعمقون فيها في كليات الشريعة وأصول الدين والدراسات الإسلامية واللغة العربية لم يتهم من بينهم أحد بفضل الله وهو دليل قاطع على براءة مناهج الأزهر ،وأنها المحصنة لفكر الدارسين وليس العكس، وأن من يدرسون المناهج العملية في جامعات مصر بحاجة إلى تلك المناهج ليتحصنوا فكريا كزملائهم الدارسين في هذه الكليات الشرعية وليس العكس.
رابعا: لو كانت مناهج الأزهر تعلم الإرهاب فلماذا لم يضرب الإرهاب أكثر من ١٠٠ دولة يتخرج الآلاف من أبنائها في كل عام في جامعة الأزهر؟ ولماذا لم تستقبل الجهات المسؤولة في مصر أو مشيخة الأزهر كل يوم آلاف الشكاوى أو حتى شكوى واحدة من هذه الدول من سلوك خريجي الأزهر حين يعودون خلال تلك العقود الطويلة التي تخرج الأجيال في هذه الدول تجاوزت عشرات الآلاف في إندونيسيا وماليزيا مثلا؟ ولماذا احتل أبناء الأزهر في الخارج أعلى المناصب في دولهم ومنها رئاسة الدولة ومن بينهم الرئيس العراقي الذي يزور مصر الآن وكامل حكومة سلطنة بروناي من سلطانها إلى وزير داخليتها وغير ذلك كثير؟
خامسا: إذا كانت مناهج الأزهر هي سببا في الإرهاب فلماذا قال رئيس إندونيسيا لشيخ الأزهر :إن خريجي الأزهر من أبناء إندونيسيا أسهموا بشكل كبير في نهضتها؟ ولماذا يتردد مثل هذا القول على مسامع شيخ الأزهر من أمير الكويت وحكام الإمارات، وقيادات كل بلد حل به شيخ الأزهر أو زار قادته مشيخة الأزهر وتشرفوا بمقابلة الإمام الأكبر؟ ولعل العالم تابع زيارة شيخ الأزهر التاريخية إلى إندونيسيا، ولعل العالم يتذكر الصورة الشهيرة لسمو الشيخ عبدالله بن زايد وهو يقبل رأس شيخ الأزهر ليزداد رفعة وسموا على سموه، ولعل القاصي والداني تابع انتقال الرئيس الفرنسي إلى حيث يجلس شيخ الأزهر ليحظى بشرف التحدث إليه حين كانا في عزاء الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله ،فهل غفل العالم عن حقيقة الأزهر واكتشفها هؤلاء العباقرة عندنا؟
سادسا: هل فعل أحد ما فعله شيخ الأزهر حين خرج بكل شموخ وبلا تردد من جامعة القاهرة تاركا حفل تنصيب "مرسي" ليعلن للعالم أجمع أن الأزهر عصي على الإهانة أو التهميش أو التطويع لغير ما توطن عليه من تاريخ إنشائه قبل ألف عام وستين تقريبا؟ وهل يجهل أحد هذا الصمود الأسطوري لشيخ الأزهر وتصديه لمحاولات اختراق الأزهر من قبل الإخوان من أول يوم أتوا فيه إلى يوم سقوطهم والذي ترتب عليه تركهم جامعة الأزهر ثمانية أشهر من دون نواب لرفضهم ترشيحات شيخ الأزهر لشغلها أكثر من مرة ومحاولة فرض أسماء من قبلهم كان( الطيب) بدوره يرفضها حتى انتصر عليهم في النهاية ووافقوا على ترشيحاته؟ وهل كان يمكن أن نكون كذلك اليوم لولا هذا الموقف التاريخي لشيخ الأزهر مع القوى الوطنية في الثالث من يوليو؟
سابعا: هل هذا الهجوم المستعر ضد الأزهر سيتوجه إلى بقية المؤسسات التي وجهت إلي بعض أبنائها نفس التهم في نفس القضية من قبل ؟وهل اتهام ضابط عمل بالجيش أو الداخلية في جريمة ما من الجرائم التي حدثت في الفترة الأخيرة أو ظهور ما يسمى (قضاة من أجل مصر ) يعني اتهام تلك المؤسسات بالإرهاب وهي التي تقف له بالمرصاد مثلها مثل الأزهر؟
ثامنا: هل تساءل المهاجمون عن سبب عجز الأزهر عن إطلاق قناته والمعوقات التي تقف في طريقها وربما توضع بشكل متعمد أحيانا لمنع ظهورها في وقت تمتلك فيه الكنائس المصرية أكثر من قناة وهو ما يسعدنا، وتمتلك فيه التيارات المتشددة التي يناهضها الأزهر ويجتهد لإصلاح ما تفسده للعديد منها؟ وهل التمس أحد العذر للأزهر الذي يعمل بلا نافذة يطل منها على الناس بصوت الحق والعدل النابذ للعنف والتطرف والداعي إلى التعايش السلمي بين الناس جميعا؟
أيها السادة نحن في حاجة إلى معالجات صحيحة وليس جعجعة فارغة، فابحثوا معنا عن الأسباب الحقيقية لسلوك بعض شبابنا من أبناء الأزهر وغيره تلك المسالك الإجرامية؟ وادعموا جهود الأزهر التي تبذل ليل نهار و جامعته التي تعمل رغم الظروف الصعبة ، وانظروا إلى ما يخصص للطالب الأزهري والذي لا يتجاوز الجنيه الواحد بينما يبلغ سبعة أضعاف في جامعة القاهرة أو عين شمس مثلا بينما جامعة الأزهر هي أكبر منهما مجتمعتين، ولا نحسدهما على ذلك فما يخصص للطالب فيهما وفي غيرهما من جامعاتنا ليس كافيا ولذا تتخطف الأيدي الآثمة المحملة بالأموال الطلاب من جامعة الأزهر وغيرها من جامعاتنا بعد توفير سكن نعجز عن توفيره وشراء كتب نعجز عن صرفها لهم بالمجان وتكاليف معيشة ضرورية تعجز أسرهم في قراهم ومدنهم عن مدهم بها بينما يلوح بها آخرون من دعاة الشر ليقع هؤلاء الطلاب في شراكهم ويتعذر عليهم الرجوع إلى أن يجدوا أنفسهم في هذا المصير البائس.
حمى الله مصر وسائر بلاد المسلمين وهدى العقول الجامحة