30 أكتوبر, 2024

قراءة تحليلية في الحملات الأمنية ضد التنظيمات المتطرفة في إسبانيا ٢٠٢٣

قراءة تحليلية في الحملات الأمنية ضد التنظيمات المتطرفة في إسبانيا ٢٠٢٣

تواصل وحدة الرصد باللغة الإسبانية تسليط الضوء على الحملات الأمنية التي نفذتها السلطات ‏الإسبانية في الأعوام الماضية؛ فتستعرض في هذا التقرير الحملات والاعتقالات التي وقعت في عام ‏‏2023م، إذ واصلت إسبانيا حملاتها الأمنية المكثفة لمواجهة تهديدات التنظيمات الإرهابية المتتالية، ‏وعلى رأسها تهديدات تنظيم داعش الإرهابي، للعديد من البلدان الأوروبية، لا سيما أن إسبانيا لها أسباب خاصة ‏تجعلها محط أنظار هذه التنظيمات، وذلك يرجع إلى أن جزءًا كبيرًا من شبه الجزيرة الإيبيرية (إسبانيا ‏والبرتغال حاليًا) كان حتى القرن الخامس عشر دولة إسلامية عظيمة "دولة الأندلس". ‏وتستغل العناصر المتطرفة خاصة من تنظيم داعش الإرهابي في مناسبات عديدة فكرة استرداد "الأندلس"، وتلعب ‏على أوتارها، وتحاول تصدير هذه الفكرة إلى عقول الشباب. وفي هذا الصدد نشير إلى أن "مرصد الأزهر" سبق أن حذر من أن إسبانيا تحديدًا لن تظل بعيدة طويلًا عن تهديدات "داعش"، على الرغم من الإجراءات التي تتخذها السلطات الأمنية للحد من أنشطة التنظيمات المتطرفة هناك. وفي هذا التقرير التحليلي، نتناول بالعرض والتحليل الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات الإسبانية، ومدى فاعليتها في مواجهة هذه التحديات الأمنية المتزايدة. كما نسلط الضوء على الظواهر الجديدة المرتبطة بعودة المقاتلين الأجانب وانتشار الدعاية الإرهابية عبر الإنترنت، وتأثير تلك العوامل في استقرار الدولة الإسبانية.

  • حصيلة العمليات الأمنية في السنوات القليلة الماضية

المتتبع للأوضاع في إسبانيا يجد أن عمليات المداهمة والاعتقال لمواجهة التنظيمات المتطرفة على خلفية التورط في جرائم تتعلق بما يسمى: "التطرف الجهادي" مستمرة؛ إذ اعتقلت قوات الأمن الإسبانية (78) متطرفًا في (36) عملية مداهمة أمنية على مدار عام 2023م، وهو الرقم الأعلى منذ عام 2005، أي منذ عقدين تقريبًا، متجاوزا عام 2017 الذي شهد اعتقال 76 معتقلًا في (52) عملية، وعام 2015 الذي شهد توقيف 75 معتقلًا في (29) عملية أمنية، الأمر الذي يشير إلى يقظة القوات الأمنية، ومتابعتها المستمرة لأنشطة التنظيمات.

ومن خلال متابعة عمليات اعتقال العناصر المتطرفة في إسبانيا في السنوات العشر الماضية نجد أن عام 2022م سجل توقيف (46) متطرفًا في (27) عملية مداهمة أمنية، مقارنةً بأعوام 2021م (22) عملية، و2020م (23) عملية و2019م (25) عملية، و2018م (23) عملية، في حين بلغ عدد العمليات في عام و2016م (24) عملية أمنية، و(12) عملية في عام 2014م، و(5) عمليات فقط في عام 2013م.

ومن هذه الأرقام يمكن أن نستخلص بوجه عام أن عدد العمليات التي نُفذت وعدد الأشخاص المعتقلين ما زالا مماثلين للسنوات الأربع الماضية، باستثناء العمل المكثف الذي نفذته قوات الأمن الإسبانية في عامي 2017م و2015م.

وفي سياق متصل، اعتقلت قوات الجيش والشرطة الإسبانية (563) متطرفًا منذ عام 2013م حتى نهاية 2023م، بإجمالي (278) عملية أمنية. وفي الجدول التالي رسمٌ بياني توضيحيٌّ للعمليات الأمنية وأعداد المعتقَلين منذ 2013م وحتى ديسمبر 2023م.  

Image

رسمٌ بياني للعمليات الأمنية وأعداد المعتقَلين منذ 2013م حتى ديسمبر 2023م

بنظرة سريعة على عمليات الاعتقال في 2023م، نجد أنه الأشهر الثلاثة الأخيرة وحدها شهدت تنفيذ نصف العمليات الـ 36 المسجلة، وخلى فبراير وأبريل من تنفيذ أية حملة أمنية ضد التنظيمات المتطرفة، وهو ما حدث أيضًا في عام 2022م طوال شهر ديسمبر، وفي فبراير من عام 2021م، وفي بين شهري مارس وأغسطس 2020م، وبين شهري أكتوبر ونوفمبر في 2019م. كما تجدر الإشارة إلى أن شهري نوفمبر وديسمبر كان فيهما أكبر عدد من عمليات الاعتقال للأشخاص المشتبه في كونهم على صلة بالإرهاب المتطرف، بمجموعه (48) متطرفًا – (28) في شهر نوفمبر و(20) في شهر ديسمبر- هم نتاج (14) عملية أمنية.

كما يوجد تباين في أعداد المعتقلين بين يونيو ويوليو وأغسطس وسبتمبر، إذ أُلقي القبض فيهم على (12) متطرفًا بواقع 3 في كل شهر ضمن (11) عملية أمنية، واثنين في شهر مارس، وواحد في مايو. وفي شهري يناير وأكتوبر أُلقي القبض على (15) متطرفًا، بواقع (9) متطرفين في أكتوبر و(6) في شهر يناير خلال (8) عمليات أمنية. وفي الجدول التالي رسمٌ توضيحيٌّ لأعداد المعتقَلين والعمليات الأمنية من يناير وحتى ديسمبر 2023م.

Image

رسمٌ بياني لأعداد المعتقَلين والعمليات الأمنية من يناير حتى ديسمبر 2023م

كما ذكرت جهات التحقيق أن عمليات الاعتقال لـــ (78) شخصًا خلال العام الماضي 2023م شهدت مجموعة متنوعة من الأنشطة الإرهابية التي تورط فيها أفراد لهم صلة بالتطرف الجهادي، إذ اتُّهم المعتقلون بارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب. وكانت أبرز الجرائم الشائعة هي نشر الفكر المتطرف، والتمجيد العلني للإرهاب، والتطرف الذاتي، والانضمام إلى منظمات إرهابية، وكذلك التخطيط لتمويل الإرهاب.

غير أن العام الماضي شهد أيضًا جرائم أقل شيوعًا وأكثر خطورة، بارتكاب هجمات إرهابية فعلية في بعض الحالات. ففي 25 من يناير 2023م، وقعت حادثة مروعة في مدينة " الجزيرة الخضراء" التابعة لمحافظة قادش بإقليم أندالوثيا جنوب إسبانيا"، حيث قتَل شخص متطرف ذاتيًّا قسيس الكنيسة، وقد وُجهت إلى الجاني تهمٌ جنائية في إطار نشاط إرهابي. هذه الحادثة ألقت الضوء على التهديد المستمر للإرهاب الجهادي في إسبانيا، وأثارت المخاوف إزاء قدرة الأجهزة الأمنية على اكتشاف وتفادي مثل هذه الهجمات.

وفي أكتوبر 2023م، تكرر المشهد الإرهابي، ولكن هذه المرة في العاصمة البلجيكية بروكسل، حيث قُتل اثنان من مشجعي المنتخب السويدي لكرة القدم على يد إرهابي. بعد هذه الحادثة بأسبوعين فقط، ألقت السلطات الإسبانية القبض على رجل بلجيكي يبلغ من العمر 41 عامًا في مدينة بنهافيس (مقاطعة مالقة) كان على صلة بمنفذ الهجوم في بروكسل. عملية الاعتقال هذه جاءت نتيجة تنسيق بين الشرطة الوطنية الإسبانية والمركز الوطني للاستخبارات، حيث اتهم المعتقل بالتستر على مجرم إرهابي، لأنه دخل إسبانيا مستخدمًا أوراقًا مزورة، وكان له سجل جنائي سابق. ويرى المرصد أن تلك العمليات والاعتقالات كاشفة لحجم التحديات التي تواجهها إسبانيا ودولًا أوروبية أخرى في مكافحة الإرهاب. فرغم الجهود الأمنية الكبيرة، لا تزال التهديدات قائمة، خاصة مع قدرة الأفراد المتطرفين على التخفي والانتقال بين الدول باستخدام وثائق مزورة والتواصل عبر شبكات سرية.

وإذا نظرنا بصفة عامة للتهم الموجهة للمعتقلين نجد أن الاتهامات الموجهة إلى الموقوفين في 2023م أكثر من غيرها، فقد برز خلال العام جرائم التلقين الذاتي، والعقائدي، والتمجيد بنسبة (32%) و(24%) على الترتيب، إذ يحدث أحدهما أو كلاهما في وقت واحد في ما يقرب من نصف عمليات الاعتقال.

وفيما يتعلق بالجرائم الأخرى المرتبطة بالعمليات الـ(36) المنفذة، فإن أبرزها الاستقطاب والتمويل بنسبة (13٪)، والاندماج في منظمة إرهابية بنسبة (19٪)، والتعاون والترويج الدعائي للتنظيمات المتطرفة بنسبة (6%)، والنزوح إلى مناطق الصراع في سوريا والعراق وتنفيذ عملية إرهابية بنسبة (1%).

وفيما يلي رسم توضيحي بالتُّهم الموجهة للمتطرفين في عام 2023م.  

Image

  • أبرز العمليات الأمنية وأماكن تمركزها في عام 2023م

شهدت الأشهر الأخيرة من عام 2023 مجموعة من العمليات الأمنية الكبرى التي انتهت باعتقال عدد كبير من الأفراد المرتبطين بجماعات متطرفة. لم تقتصر تلك العمليات على مناطق معينة، بل شملت مواقع متعددة من الجغرافيا الإسبانية، وأبرز التعاون الوثيق بين السلطات الإسبانية ونظيرتها المغربية والأوروبية في مواجهة الإرهاب. ومن بين أبرز تلك العمليات عملية "سَكِّينادوس" (Sakinados) التي نفذتها الشرطة الوطنية في نوفمبر وكانت أكبر عملية شرطة في 2023 من حيث عدد الاعتقالات، وأسفرت عن اعتقال 14 فردًا من أصل باكستاني في عدة مناطق ومدن إسبانية، وكانوا مرتبطين بحركة " لبيك باكستان" ( E-Labbaik Pakistan) (TLP) المتطرفة، المعروفة بدعمها للعنف وتسويغ قتل كل ما هو ضد الإسلام.

ومن الجدير بالذكر أن هذا استمرار لما حدث في عام 2022 واعتقال (5) متطرفين باكستانيين تتراوح أعمارهم بين (21) و(32) عامًا تابعين للحركة نفسها، ما يعكس استمرار تهديد هذه الحركة في أوروبا والحرص المستمر على مواجهتها.

وفي أواخر عام 2023، قامت الشرطة الوطنية بعملية "ماغرامي" (Magrame) في مليلية التي أسفرت عن اعتقال 9 أفراد يُتّهمون بالانتماء إلى تنظيمات إرهابية والتورط في عمليات تجنيد وتدريب. ما يميز هذه العملية هو أنها لم تقتصر على الأراضي الإسبانية فقط، بل امتدت لتشمل اعتقال شخص عاشر في مدينة الناظور بالمغرب، وهو ما يعكس قوة التعاون الأمني بين إسبانيا والمغرب في مجال مكافحة الإرهاب. هذا التعاون أثبت أهميته في تضييق الخناق على شبكات الإرهاب العابرة للحدود وتعزيز الأمن الإقليمي.

وفيما يخص أماكن تمركز العمليات الأمنية في إسبانيا على مدار العام، نجد أن أحد العناصر المميزة للعمليات الأمنية ضد "التطرف الجهادي" في إسبانيا خلال العام الماضي هو التنوع الجغرافي لتلك العمليات. ففي السنوات السابقة، كانت العمليات تتركز في مناطق محددة مثل قطلونية، التي استحوذت في عام 2022 على 45% من إجمالي العمليات. في حين أن مناطق مثل إكستريمادورا وكاستيا-لامانشا لم تسجل أية عمليات. لكن في عام 2023، تغيرت الصورة بتنفيذ عمليات في 24 مقاطعة إسبانية على الأقل، بما في ذلك مناطق غير تقليدية مثل أستورياس وإكستريمادورا، ما ينم عن انتشار أوسع للأنشطة الأمنية في جميع أنحاء البلاد. وكانت مدريد وبرشلونة، أكثر الأقاليم التي نُفذت فيها معظم الحملات الأمنية بواقع ست عمليات لكل منهما، تلتهما مليلية وجويبثكوا (أربع عمليات) وأستورياس وأليكانتي (ثلاث عمليات).

ورغم استمرار تركيز العمليات في مدريد وبرشلونة، إلا أن هذه الدينامية الجديدة تُظهر تحولًا في إستراتيجيات مكافحة ما يسمى محليًا: "الإرهاب الجهادي"، إذ يشير التوزيع الجديد للعمليات الأمنية إلى توسيع نطاق الرقابة الأمنية وتغيير إستراتيجيات الشرطة في مواجهة التهديدات الإرهابية.

وإجمالًا، منذ عام 2015، شهد إقليم قطلونية 30 % من إجمالي عمليات اعتقال المتطرفين في إسبانيا، وقد بلغ عدد الاعتقالات في الإقليم 124 اعتقالًا، أي ما يعادل 28.09% من الإجمالي. وتأتي مدريد في المرتبة الثانية من حيث عدد الاعتقالات، حيث سجلت 73 اعتقالًا، أي ما يعادل 17.01%، تليها فالنسيا بـ 37 اعتقالًا، بما يمثل 8.62%. وتوضح هذه الأرقام استمرار تهديد التنظيمات الإرهابية وأتباعها في إسبانيا، كما يتضح جهود السلطات في مكافحتها.

ويرى المرصد أن هذه العمليات الأمنية المتتالية تثبت الالتزام الأكيد من السلطات الإسبانية حيال مكافحة الإرهاب وحماية أمن البلاد. ومع استمرار التهديدات المتطرفة، فإن هذه الجهود قد تشهد المزيد من التصعيد والتعاون الإقليمي والدولي في المستقبل القريب، غير أن مكافحة التطرف تقتضي التعاون المستمر بين الدول وتكثيف الجهود لمراقبة الخلايا الإرهابية وتفكيكها، ومواجهة الفكر المتطرف، وتقديم الدعم للضحايا، وتعزيز الأمن الداخلي في سبيل الحد من انتشار أنشطة التنظيمات الإرهابية والحد من خطورتها، لضمان الأمن والاستقرار في المجتمع الإسباني والمجتمع الدولي.

  • تمويل الإرهاب والتعاون الإقليمي والدولي

فيما يخص متابعة مصادر تمويل "داعش" في إسبانيا، نفذت الشرطة الإسبانية خلال عام 2023م (3) عمليات مرتبطة بتمويل الإرهاب، جاءت أهمها باسم " برودر" (Operación Bruder) وأسفرت عن اعتقال 6 أشخاص بتهمة الانتماء لتنظيم إرهابي وتمويل الإرهاب عن طريق تحويل الأموال إلى مليشيا "جيش الإسلام" (Jaysh Al Islam) المتعاون مع تنظيم القاعدة في سوريا، عبر مؤسسة تدعى "البشائر" (Al Bashaer)، وهي المؤسسة التي تعمل بصفة أساسية في منطقة تسيطر عليها الميليشيات الجهادية. وبلغت قيمة الدفعات المقدمة على مدى عدة سنوات أكثر من 300 ألف يورو، وذلك عن طريق تنظيم حملات خادعة لجمع التبرعات للمساعدة الإنسانية للأطفال اليتامى في سوريا. وتعتبر هذه المرحلة الثانية من عملية "برودر" التي نُفذت في مارس 2021م، وخلالها اعتُقِل ثلاثة أشخاص من الشبكة بتهمة تمويل الإرهاب.

وفي عملية أمنية دولية شاركت فيها الشرطة الوطنية الإسبانية إلى جانب 12 دولة، تم اعتقال 13 شخصًا في عدة دول في أوروبا وإفريقيا وآسيا بتهمة تمويل التنظيمات الإرهابية، ما يمثل ضربة قوية لشبكات الدعم الجهادية المرتبطة بتنظيم "داعش".

وفي إسبانيا، أسفرت العملية عن اعتقال خمسة أفراد في مناطق مختلفة بواقع اثنين في فالنسيا، والبقية في أليكانتي، وغيبوثكوا، وكاثيريس. وتمحورت جهود الشبكة حول جمع الأموال لتمويل العمليات الإرهابية، إذ تم تحويل أكثر من 200,000 يورو عبر الحوالات الدولية والعملات المشفرة. وتعتبر هذه العملية استمرارًا للمرحلة الثانية من عملية "مييا" (Operación MIYA) التي بدأت في عام 2021 وكشفت عن شبكة جهادية منظمة تعمل على دعم "داعش" وتمويل أنشطتها الإرهابية. وكشفت التحقيقات حينها أن الشبكة كانت متورطة في التخطيط لتنفيذ هجومين إرهابيين أمكن إحباطهما؛ إذ أظهر أحد المعتقلين في إسبانيا مستوى عاليًا من التطرف، وكان يخطط لتنفيذ هجوم إرهابي وشيك. وقد أسفرت عملية التفتيش التي أجرتها السلطات عن العثور على ذخيرة سلاح ناري قصير وأدلة تدريبية في مجال تصنيع المتفجرات، إلى جانب مواد تستخدم في عمليات التلقين العقائدي والتجنيد.

ويرى المرصد أن هذه العملية تعد دليلًا إضافيًّا على التطور المستمر في وسائل الإرهاب الدولي، وخاصة في ظل استخدام العملات المشفرة باعتبارها وسيلة لجمع الأموال سرًّا وتمويل الأنشطة الإرهابية. كما تبرز أهمية التعاون الدولي بين الأجهزة الأمنية لمكافحة هذا النوع من الشبكات الإجرامية التي تسعى إلى زعزعة الاستقرار عبر الحدود.

Image

  • النساء في صفوف التنظيمات المتطرفة

لاحظ مرصد الأزهر في عام 2023 ارتفاعًا في الموقوفات بتهم التلقين والتجنيد، وكذلك دورهن النشط في السنوات الماضية من حيث إنشاء المحتوى الدعائي ونشره، فضلًا عن مشاركتهن في كتابة المواد الجهادية المتطرفة المستخدمة لاحقًا في تلقين الأفراد وتجنيدهم. ومن خلال تحليل العمليات الأمنية في عام 2023، نرى أن وجود النساء تزايد؛ بسبب مشاركتهن في أنشطة متطرفة في إسبانيا، إذ تمثل النساء الثماني اللاتي اعتقلن نسبة (10٪) من العدد الإجمالي للمعتقلين في عام 2023، وهو ضعف الرقم المسجل في العام السابق 2022، كما يحل ثانيًا بين أعلى الأرقام التاريخية بعد الرقم المسجل في عام 2015. وكانت أصغر المعتقلات وقت اعتقالها 26 عامًا، في حين كانت أعمار بقية المعتقلات فوق 35 عامًا.

وفي الجدول التالي رسمٌ توضيحيٌّ لنسبة المعتقلين من الرجال والنساء من 2017م إلى 2023م.

Image

نسبة المعتقلين من الرجال والنساء من 2017م إلى 2023م

كما لوحظ في عام 2023 أن العمر لدى المعتقلات يتزايد، إذ كان معظمهن فوق سن 35، فيما كانت أعمار الرجال المعتقلين غالبًا دون 25 عامًا، ما يمثل تغيرًا كبيرًا مقارنة بسنوات سابقة كانت تشهد توقيف نساء شابات، بل مراهقات يسعين إلى السفر إلى العراق وسوريا استجابة لدعوات داعش بين عامي 2014 و2015. ويعود هذا الارتفاع في نسبة مشاركة النساء في ما يسمى: "الأنشطة الجهادية المتطرفة" إلى عوامل متعددة، من بينها التوسع في استغلال النساء بوصفهن أدوات للدعاية والتجنيد لصالح الجماعات الإرهابية عبر الإنترنت، لا سيما مع تطور الوسائل التقنية التي تستخدمها تلك الجماعات في استقطاب المتعاطفين. وهذه الإستراتيجية ليست جديدة، ولكنها تأخذ أبعادًا جديدة مع كل تطور تقني يجعل من الصعب مراقبة الأنشطة عبر الإنترنت.

وفي الجدول التالي مقارنة بين أعمار النساء والرجال الموقوفين عام 2023م.

Image

 

برز خلال عام 2023 عودة امرأتين إسبانيتين في يناير 2023 من معسكر الهول في سوريا حيث كانتا محتجزتين في مخيمات لعائلات مقاتلي تنظيم داعش، مع الإشارة إلى أنهما سافرتا مع ثلاثة عشر قاصرًا تكفلت بهم خدمات الرعاية الاجتماعية. وبهذه العملية، انضمت إسبانيا إلى قائمة الدول الأوروبية التي أعادت نساء وأطفالًا من مواطنيها الموجودين في معسكرات الاحتجاز السورية إلى بلدانهم.

ومن الجدير بالذكر أن أغلب النساء اللاتي اعتقلن كن يحملن الجنسية الإسبانية وواحدة من بيرو والأخرى جزائرية، بتهمة التلقين الذاتي وتمجيد الإرهاب، والقيام بأنشطة تجنيد وتلقين عقائدي على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي لصالح تنظيم داعش. وتمثلت أهم العمليات في اعتقال امرأة إسبانية تبلغ من العمر 39 عامًا في بلدية فيتوريا بإقليم الباسك، بتهمة تلقين أطفالها الأربعة وأطفال آخرين الفكر المتطرف، حيث كانت تنوي السفر مع أطفالها إلى "مناطق النزاع" التابعة لتنظيم داعش.

وبحسب التقارير، فإن المرأة كانت تمارس تأثيرًا متطرفًا على أطفالها، بهدف تحويلهم إلى متطرفين وأشبال للخلافة المزعومة؛ واستعانت في سبيل ذلك بأساليب التلقين العقائدي والذاتي، وتتلاعب بعقولهم لتقودهم إلى طريق خطير.

ويرى المرصد أن تصاعد أعداد النساء المتورطات في الأنشطة الإرهابية يمثل جرس إنذار للسلطات، ويؤكد أن التطرف ليس حكرًا على الرجال، بل يشمل النساء أيضًا بأدوار متنوعة ومتزايدة الأهمية. ويجب أن تتطور إستراتيجيات مكافحة الإرهاب لتأخذ في الحسبان هذا التغيير النوعي، مع التركيز على الوقاية من خلال التثقيف والمراقبة الدقيقة للمنصات الإلكترونية.

  • تزايد تورط القُصّر في الأنشطة الجهادية المتطرفة: بين التطرف الذاتي والتلقين عبر الإنترنت

مع استمرار الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، ظهر اتجاه مقلق في عام 2023م بإسبانيا، يتمثل في تزايد تورط القُصّر والشباب في الأنشطة الجهادية المتطرفة. فبينما كان يُنظر إلى القُصّر بوصفهم ضحايا لعمليات التلقين، كشفت عمليات أمنية حديثة أنهم أصبحوا الآن عناصر فاعلة في عمليات التجنيد والدعاية لصالح التنظيمات الإرهابية، وهو ما يُعد تطورًا خطيرًا على مستوى مكافحة الإرهاب.

وفي تطور خطير من حيث دور القُصَّر، برز في سلسلة من العمليات الأمنية التي شهدتها الأشهر الأخيرة من عام 2023م إلقاء القبض على ستة قُصّر؛ وهو أعلى رقم مسجل تاريخيًّا بتهم تتعلق بالإرهاب. وتعتبر حالة القاصر الفرنسي الذي اعتقله الحرس المدني في مدينة "سيتجيس" (برشلونة) في يونيو حالة فريدة من نوعها، نظرًا لنشاطه المكثف على شبكات التواصل الاجتماعي في نشر مواد دعائية لمجموعات جهادية شيشانية. كما أظهرت عمليتان أخريان في نوفمبر وديسمبر أن استخدام القُصّر لألعاب الفيديو والمنصات الرقمية بات يمثل وسيلة فعّالة لنشر الدعاية المتطرفة. في تلك العمليات، تم القبض على خمسة قُصّر آخرين كانوا يشاركون في تبادل محتوى إرهابي عبر منصات ألعاب الفيديو مثل: "ديسكورد"، حيث شاركوا مقاطع فيديو لعمليات إعدام وكتيبات لتصنيع المتفجرات. وفي حالة اثنين من هؤلاء القُصّر، اتضح أنهما أنشأ قنوات دعائية تتماشى مع إستراتيجيات تنظيم "داعش"، وقاما بتجنيد قُصّر آخرين عبر تلك القنوات.

وما يميز هذه العمليات هو الدور المتزايد للمنصات الرقمية وألعاب الفيديو في نشر الفكر الجهادي بين الشباب، إذ لم تعد المنصات التقليدية مثل: "يوتيوب" و"فيسبوك" هي القنوات الرئيسة لنشر الدعاية المتطرفة، بل أصبحت تلك المواقع أكثر قدرة على مراقبة المحتوى الإرهابي وحذفه؛ لأن المنصات الخاصة بالتواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو مثل "ديسكورد" باتت تمثل بديلًا جديدًا كونها توفر بيئة آمنة ومحمية للتواصل وتبادل الأفكار المتطرفة دون رقابة فعالة.

وتجدر الإشارة إلى أن استخدام هذه المنصات يصعّب من مهمة الأجهزة الأمنية في مراقبة الأنشطة الجهادية؛ إذ إن الخصوصية التي توفرها تجعل من السهل على القُصّر تبادل المحتوى الإرهابي والتواصل مع أفراد آخرين دون لفت الانتباه. وهو ما يبرز الحاجة الملحة إلى تطوير إستراتيجيات جديدة لمراقبة هذا النوع من الأنشطة.

بالتوازي مع العمليات التي تورط فيها القُصّر أنفسهم في نشر الفكر المتطرف، كشفت خمس عمليات أخرى عن تعرض القُصّر لعمليات تلقين من شخصيات مؤثرة في حياتهم، مثل الآباء والمعلمين. ومن أبرز تلك الحالات اعتقال امرأة بيروفية في "فيتوريا" (Álava) في سبتمبر إثر محاولتها تجنيد أبنائها الأربعة للانضمام إلى تنظيم "داعش". كما شهد ديسمبر ٢٠٢٣ اعتقال مغربي في مدريد كان يستغل وظيفته (معلم لغة عربية) لتلقين مجموعة من القُصّر الفكر المتطرف، بعد طرده من المسجد الذي كان يخطب فيه بسبب خطاباته المتشددة.

وعلى ذلك، تبرز تلك العمليات أن القُصّر ليسوا ضحايا للتطرف الذاتي عبر الإنترنت فحسب، بل يمكن أن يكونوا أهدافًا لعمليات تلقين منظمة أيضًا على أيدي شخصيات مؤثرة في المجتمع، مثل الأئمة أو المعلمين أو حتى الآباء. كما تسلط الضوء على أن القُصّر يُعتبرون فئة قابلة للتأثر والتلقين بسهولة، وهو ما يعقد الجهود الرامية لمكافحة التطرف في سن مبكرة.

ويرى المرصد أن تزايد تورط القُصّر في الأنشطة الجهادية يشير إلى الاحتياج إلى مقاربة شاملة لمكافحة هذا الخطر المتنامي؛ فإلى جانب الجهود الأمنية التي تُبذل لمراقبة المنصات الرقمية والتدخل المبكر لمنع وقوع الجرائم الإرهابية، يجب أن تشمل هذه المقاربة برامج توعية وتثقيف تستهدف القُصّر أنفسهم، إضافة إلى توعية الآباء والمعلمين حول كيفية التعامل مع الأطفال والمراهقين الذين قد يكونون عرضة للتطرف. كما يجب أن تركز الجهود على تعزيز التعاون بين الحكومات وشركات التكنولوجيا بغية تشديد المراقبة على المنصات الرقمية التي قد تُستخدم لنشر الفكر المتطرف؛ إلى جانب توفير آليات حماية للأطفال والمراهقين من التأثر بتلك الأفكار، سواء عبر الإنترنت أو في بيئاتهم المحلية.

  • الفئات العمرية وجنسيات المعتقلين في قضايا الإرهاب

فيما يتعلق بالفئات العمرية للمعتقلين في عام 2023م، نجد أن أصغر المعتقلين كان مراهقًا يبلغ من العمر (15) عامًا؛ وهو أحد القُصر الثلاثة الموقوفين في "عملية الدردشة" (La Operación Dardasha) (2) في "مدريد" و(1) "برشلونة"، بتهمة التلقين العقائدي والتدريب الذاتي ومحاولة ارتكاب هجمات إرهابية في إسبانيا. وكشفت التحقيقات وجود ملفات ترويجية على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو إلى استخدام العنف وتبرره للدفاع عن الإسلام، وتمجد أفراد التنظيمات المتطرفة وتبرر أفعالهم العسكرية، كما أشارت إلى أهداف محتملة للهجمات. كما عبر الموقوفون عن نيتهم تنفيذ أعمال إرهابية ضد من لا يتفقون معهم ويعتبرونهم "مرتدين"؛ في حين كان أكبر الأشخاص سنًّا سيدة تبلغ من العمر 75 عامًا، وشخصين آخرين تجاوزا الستين من العمر في عملية "برودر" (Bruder).

وأظهرت البيانات تزايد القلق من المشاركة الفعالة للشباب في الأنشطة المتطرفة في إسبانيا نظرًا لقيام شواهد على تزايده أكثر فأكثر، لا سيما بين الذكور. وإضافة إلى القُصر الستة الموقوفين في مختلف العمليات في عام 2023م، تسنى توقيف ما يصل إلى 21 شابًّا تتراوح أعمارهم بين (18) و(24) عامًا، وهي الفئة العمرية الأكثر شيوعًا بين جميع المعتقلين. ومع وجود هذه البيانات، يمكن القول إن 35% من الموقوفين في 2023 -أي واحد من كل ثلاثة- كانوا دون سن 25 عامًا وقت اعتقالهم. وفي الجدول التالي رسمٌ توضيحيٌّ لنسبة الفئات العمرية للموقوفين في 2023م.  

 

Image

رسمٌ توضيحيٌّ للفئات العمرية للموقوفين في عام 2023م

وفيما يخص جنسيات الموقوفين في إسبانيا عام 2023م، نجد أن إسبانيا شهدت تنوعًا غير مسبوق خلال العام الماضي في جنسيات المعتقلين المتورطين في ما تصنفه السلطات الإسبانية ضمن "الأنشطة الجهادية المتطرفة"، حيث تسنى توقيف أفراد من 11 جنسية مختلفة، مقارنة بـ 6 جنسيات فقط في عام 2022. ورغم هذا التنوع، ظلت الغالبية العظمى من الموقوفين لحملة الجنسية الإسبانية أو المغربية بنسبة 65% من إجمالي المعتقلين. وعلى وجه التحديد، منهم (22) مغربيًّا بنسبة (28٪)، و(29) إسبانيًّا بنسبة (37٪)، إضافة إلى (15) باكستانيًّا بنسبة (19٪) ويرجع ذلك إلى عملية "سَكِّينادوس" التي أسفرت عن توقيف 14 شخصًا من هذه الجنسية، و(4) جزائريين بنسبة (5٪)، واثنان من البرازيليين بنسبة (3٪)، وواحد من كل من: كولومبيا، وروسيا، وبلغاريا، وبيرو، وبلجيكا، وفرنسا بنسبة (7٪).

وفيما يلي رسمٌ توضيحيٌّ لجنسيات الموقوفين في عام 2023م.

Image

رسمٌ توضيحيٌّ لجنسيات الموقوفين في 2023م

  • الانتماء الأيديولوجي للمعتقلين

ومن النتائج الأخرى في تحليل ملف المعتقلين المتطرفين في إسبانيا عام 2023م، هي أن (58٪) عازبون، و(41%) متزوجون، و(63%) منهم كانوا يعملون بشكل قانوني في إسبانيا، و(29٪) منهم عاطلون عن العمل. علاوة على ذلك، فإن ما يقرب من نصف المعتقلين (48%) كانت لهم علاقة سابقة بمعتقلين آخرين لدواعي إرهابية، وهي نسبة مرتفعة تدريجيًّا بعد أن كانت 29% عام 2021 و٤١٪ في عام 2022. وفيما يتعلق بسجلاتهم الجنائية، فقد كان لدى 17% منهم سجلات جنائية ذات صلة بالإرهاب، في حين أن 36% منهم معروفون بارتكاب جرائم جنائية.

وفيما يخص الانتماء الأيديولوجي للمعتقلين الــ(78)، نجد أن الغالبية منهم يتبعون فكر تنظيم داعش أيديولوجيًّا بنسبة (64٪)، في حين أن نسبة (7٪) فقط يتبعون فكر تنظيم القاعدة، ومثلت حركة "لبيك باكستان" E-Labbaik Pakistan) TLP)، التي تنشط في جنوب آسيا، نسبة )18٪)، وكانت نسبة (10٪) من المعتقلين غير محددي التبعية الفكرية المتشددة.

وفيما يلي صورة توضح الانتماء الأيديولوجي للموقوفين في عام 2023م.

Image

ويكشف تحليل موقوفي التطرف في إسبانيا 2023 أن التجنيد يعتمد على الروابط الشخصية أكثر من العوامل الاقتصادية، مع تنوع الأيديولوجيات المتطرفة التي يعتنقها الموقوفون، ما يؤكد أهمية وضع إستراتيجيات شاملة تتجاوز الحدود الوطنية في مكافحة التطرف.

  • العائدون من داعش إلى إسبانيا

على الرغم من انهيار "الخلافة" المزعومة وسقوط معظم معاقل "داعش"، إلا أن بيانات وزارة الداخلية الإسبانية تظهر أن تدفق المقاتلين الأجانب لم يتوقف تمامًا. ففي العام الماضي فقط، غادر (تسعة) أشخاص إسبانيا للانضمام إلى التنظيمات الإرهابية المتطرفة في الخارج، ما يؤكد استمرار التهديد الذي يمثله هذا النوع من التطرف العابر للحدود. ويرى خبراء مكافحة الإرهاب في الدول الغربية أن عودة الجهاديين تمثيل تحديًا أمنيًّا كبيرًا، إذ يعود هؤلاء المقاتلون بخبرات عسكرية مكتسبة من ساحات القتال، إضافة إلى اشتداد تطرفهم في أثناء القتال، لذا يشكلون تهديدًا محتملًا عند عودتهم إلى بلدانهم الأصلية. كما أن العائدين يحملون في جعبتهم قدرة على تنفيذ هجمات إرهابية، مستغلين ما تعلموه في مناطق النزاع لتطبيقه في بلادهم. وبالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومات الأوروبية، بما في ذلك إسبانيا، لمواجهة هذا التحدي، فإن القلق يظل قائمًا إزاء الذين قد يستغلون حريتهم بعد عودتهم لتنفيذ أعمال إرهابية أو نشر أفكار متطرفة.

وفيما يخص ملف العائدين من داعش إلى إسبانيا، تشير البيانات الرسمية التي جمعها مركز مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة (CITCO) التابع لوزارة الداخلية الإسبانية إلى أن إجمالي من غادروا إسبانيا للقتال في مناطق النزاع كان (272) شخصًا حتى عام 2023م، منهم 34 امرأة. ومن بين هذا العدد لقي (104) آخرون مصرعهم من بينهم خمس نساء، بينما يستمر 103 آخرون في القتال إلى الآن، في حين عاد (65) آخرون إلى الأراضي الإسبانية. ومن العائدين يوجد 21 فردًا يقبعون الآن في السجون (7 في إسبانيا، و14 في سجون دول أخرى)، لكن اللافت هو أن نسبة المحتجزين من العائدين لا تتجاوز 8%، ما يعني أن معظم الذين عادوا طليقو السراح)، و13 منهم عادوا واستقروا في إسبانيا، في حين يتوزع 31 آخرون بين عدة دول.

وفيما يلي رسمٌ توضيحيٌّ لأعداد الإسبان المنضمين لصفوف داعش حتى عام 2023م

Image

وفيما يخص جنسيات المقاتلين الدواعش، فإن الغالبية العظمى منهم مغاربة، إذ يُقدر عددهم بـ 163 شخصًا بنسبة 60%، في حين أن 55 منهم إسبان و54 من جنسيات أخرى بنسبة 20% لكل منهما. وتجدر الإشارة إلى أن إجمالي المقاتلين الأجانب من أوروبا الذين انضموا إلى صفوف تنظيم داعش والقاعدة وغيرهما من المنظمات الإرهابية يزيد عن 6000 شخص من بين أكثر من 30 ألف شخص قد انضموا إلى صفوف داعش بصفة مقاتلين إرهابيين قادمين من أكثر من 100 بلد، أي أكثر من نصف مجموع عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

Image

في الختام، يرى المرصد أن الحملات الأمنية في إسبانيا عام 2023م تُظهر قدرة متزايدة على مواجهة تهديدات التنظيمات المتطرفة بفعالية. ورغم ذلك، يظل التحدي الأكبر هو الأفراد المتطرفون ذاتيًّا، الذين يخططون وينفذون الهجمات دون ارتباط مباشر بتنظيمات إرهابية تقليدية، ما يتطلب تركيزًا أكبر على الاستخبارات والرصد المبكر. ويضاف إلى ذلك أن تورط القُصر المتزايد في الأنشطة الجهادية ينم عن خطورة التأثير المتزايد للمنظمات الإرهابية على الفئات الشابة، وهو ما يستدعي تكثيف سياسات الوقاية والتوعية، والتركيز على مكافحة التطرف عبر الإنترنت، ومراقبة المنصات الرقمية التي يستخدمها الشباب للتواصل والتجنيد لمنع استقطابهم من تلك التنظيمات المتطرفة. هذه التحديات المتعددة تتطلب استجابة شاملة ومستدامة من جميع الجهات المعنية لحماية المجتمع وضمان استقراره. كما أن عودة المتطرفين إلى إسبانيا والدول الأخرى تشكل تحديًا أمنيًّا إضافيًّا، ويبرز ضرورة تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب، وتطوير آليات فعالة لرصد العائدين وتقييم مدى خطورتهم نظرًا لما يجلبه هؤلاء من خبرات قتالية، وأيديولوجيات متطرفة إلى الداخل الإسباني، بما يعزز خطر التطرف العنيف. كما يجب على السلطات الأمنية أن تعمل على إعادة تأهيل هؤلاء الأفراد، خصوصًا أن كثيرًا منهم ربما تأثروا نفسيًّا بسبب الحروب التي خاضوها.

وحدة الرصد باللغة الإسبانية

قراءة (342)/تعليقات (0)

1345الأخير