06 نوفمبر, 2024

في ملتقاه الأسبوعي “قضايا معاصرة”.. الجامع الأزهر يناقش التكافل الاجتماعي في الإسلام

في ملتقاه الأسبوعي “قضايا معاصرة”.. الجامع الأزهر يناقش التكافل الاجتماعي في الإسلام

د/ محمد عبد المالك: الصحابة رضوان الله عليهم ضربوا أروع الأمثلة في التكافل والتضامن الاجتماعي

د/ فياض حسانين: النظام الاقتصادي في الإسلام له نمط مختلف عن الأنظمة والقوانين الوضعية الأخرى

د/ عبد المنعم فؤاد: وسائل التكافل الاجتماعي التي أقرها الشرع هي ما تُميِّز الإسلام عن غيره.. وتُحقق الأمن والأمان في المجتمع.

 

     عقد الجامع الأزهر ملتقاه الأسبوعي "الأزهر والقضايا المعاصرة"، بعنوان: "التكافل الاجتماعي.. رؤية إسلامية"، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبحضور الأستاذ الدكتور/ فياض عبد المنعم حسانين، وزير المالية الأسبق، وأستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر، والأستاذ الدكتور/ محمد عبد المالك، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه القبلي، والأستاذ الدكتور/ عبد المنعم فؤاد، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، والمشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري بالجامع الأزهر.

وخلال اللقاء، أوضح الدكتور/ محمد عبد المالك: أن موضوع التكافل يُعدُّ من الموضوعات المهمة؛ لأنه يتعلق بنعمة المال التي أنعم الله بها على عباده؛ فقد جعل الله المال مشروعًا من الحلال، ونهى عن اكتسابه بطرق محرمة مثل: السرقة، والربا، والرشوة، لافتًا إلى أن التكافل له صور عديدة، منها: التكافل الخُلقي أو التعاوني؛ حيث يتعاون المجتمع على نشر الفضيلة والأخلاق الحميدة بينهم، كما قال الله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، مُضيفًا: ومنها التكافل المادي الذي يكون بداخل الإنسان؛ فيُلزم نفسه بالطاعة، ويجنبها المعصية، كما ورد في قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا *وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}.

وتابع نائب رئيس جامعة الأزهر: كما يتضمن التكافل الأسري مساعدة الأفراد لأسرهم؛ إذ قال ﷺ: "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول"، وهناك أيضًا التكافل العام المالي، الذي يشمل المسلمين وغيرهم، ومن أفضل أنواع التكافل: كفالة اليتيم وإكرامه؛ كما قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ}، كذلك يتضمن سداد ديون الغارمين، والإنفاق على المحتاجين، وصنوف الزكاة الثمانية التي ذكرها الله في قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.

وأضاف د/ عبد المالك، أن الصحابة رضوان الله عليهم ضربوا أروع الأمثلة في التكافل والتضامن الاجتماعي؛ فمنهم من أنفق ثلث ماله، ومنهم من أنفق نصف ماله وماله كله في سبيل الله، أمثال: أبي بكر الصديق، وعثمان بن عفان رضي الله عنهما؛ مما يدل على التكافل والوعي بحقوق الأفراد.

من جانبه، أكد الدكتور/ فياض عبد المنعم أن الإسلام كان له السبق في تطبيق نظام التكافل الذي كانت له سمات خاصة؛ فبدأ بإصلاح العقيدة، وإصلاح العقل، ثم انتقل إلى إصلاح النفس وتزكيتها، ثم إصلاح النظام الاجتماعي، فقد بَيَّن لنا النبي ﷺ أهمية التكافل الاجتماعي، حين آخى بين المهاجرين والأنصار كأداة فاعلة وسريعة لتحقيق التكافل الاجتماعي.

وأشار إلى أهمية التكافل الاجتماعي في النظم الاقتصادية، فالمجتمع الذي يوجد فيه تضامن اجتماعي، تُعزَّز فيه القوة الاقتصادية؛ لأنه يخفف من النفقات والتوترات الاجتماعية، بينما يُعزى تشرذم المجتمع وتفككه وانهياره إلى افتقاره للتكافل والتضامن الاجتماعي.

وبيَّن وزير المالية الأسبق، أن التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية، تقوم على ثلاث قيم أساسية: القيمة المؤسِسة: وهي التكامل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، والقيمة الحافزة: وتكون عن طريق العلم والتكنولوجيا، ثم القيمة التحقيقية: وهي الانطلاق إلى مجالات المجتمع. وأشار إلى أن هناك علاقة وثيقة بين التكافل والأمن، فإذا كثر الفقر والفاقة قَلَّ الأمن وعز الأمان.

وبيَّن د/ فياض، أن النظام الاقتصادي في الإسلام له نمط مختلف عن الأنظمة والقوانين الوضعية الأخرى التي لا تعرف إلا التأمين؛ فالإسلام راعى في نظامه التكافل عن طريق أدواته الدائمة والمستدامة التي تميز بها عن غيره، فمنها الواجبة، مثل: الزكاة المفروضة ونفقة الإنسان على أهله، ومنها: التطوعية، مثل: الصدقات والأوقاف والنذور والكفارات، ولما علم الصحابة رضوان الله عليهم قيمة التطوعات والأعمال الخيرية، تباروا فيها جميعًا، وتصدقوا بخير مالهم؛ عملًا بقوله تعالى: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ }.

وفي السياق ذاته، أوضح الدكتور/ عبد المنعم فؤاد، أن الإسلام أَوْلَى اهتمامًا كبيرًا للتكافل الاجتماعي، مشددًا على أهميته بين أفراد الأسرة والمجتمع بأَسْره، خاصة في الأوقات التي تتطلب التضامن والتكافل، وأكَّد على ضرورة نشر ثقافة المحبة والإخاء؛ لكي يتحد المجتمع ككتلة واحدة، ويكون عونًا لبعضه البعض، مستشهدًا بقوله ﷺ: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

وأكد د/ فؤاد، أن التكافل قد تم تطبيقه عمليًّا في المجتمعات الإسلامية منذ القدم، مشيرًا إلى أن النبي ﷺ قد آخى بين المهاجرين والأنصار عندما هاجر إلى المدينة، وقد تجلى ذلك في جميع الأوقات العصيبة التي مرت بها الأمة الإسلامية، لافتًا إلى أن الإسلام يأمر بالتكافل والتعاون؛ كما قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ}؛ حيث إن التعاون على البر يجلب رضا الناس، والتعاون على التقوى يجلب رضا الله، والعبد الذي يجمع بين الاثنين ينال سعادة الدارين.

ودعا المشرف على الأروقة، إلى المسارعة في فعل الخيرات، مؤكدًا أن أبواب الخير مفتوحة للجميع؛ كما قال تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ}، وأشار إلى أن وسائل التكافل الاجتماعي، مثل: الزكاة والتبرعات والصدقات، تُميِّز الإسلام عن غيره، كما أنها تُعدُّ من الوسائل الأساسية لتحقيق الأمن والأمان في المجتمع.
 

قراءة (224)/تعليقات (0)

كلمات دالة:
12345الأخير