08 يناير, 2025

ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر يوضح الحكمة من سرِّيَّة الدعوة في مهدها

ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر يوضح الحكمة من سرِّيَّة الدعوة في مهدها

     قال الدكتور/ السيد بلاط، أستاذ التاريخ والعقيدة بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر: إن النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- بدأ الدعوة سرًّا، وهذا لحِكَمٍ عظيمة، الأولى هي "التدرج" وتهيئة عقول أهل مكة لاستقبال هذا الدين الجديد، لافتًا إلى أن التدرج سُنَّة من سنن الإسلام المحمودة؛ حتى تعلم قريش طبيعة هذا الدين، وما هي أحكامه، وألا تتعرض الدعوة في مهدها للخطر، وقال العلماء أيضًا: ربما أراد الرسول أن تكون الدعوة سرًّا؛ لتأجيل الصدام المتوقع بين المسلمين والمشركين؛ وذلك حتى يشتد عود المسلمين.

وأضاف الدكتور/ السيد بلاط -خلال ملتقى “السيرة النبوية” الأسبوعي بالجامع الأزهر، والذي عقد بعنوان: "دعوة حكيمة وجاهلية جائرة"- أن من الدروس المستفادة من سرية الدعوة: الوقوف على عوامل نجاحها، وأهم تلك العوامل هي الكتمان والسرية، لافتًا إلى أن عدد من آمن برسول الله (٥٣)، منهم (١٠) من النساء، وعندما ضاق بهم بيت السيدة خديجة أم المؤمنين، التقى رسول الله المسلمين في دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي. والحكمة من ذلك أن الأرقم دخل الإسلام وهو صغير، فإذا أرادت قريش تقصي أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ستجري البحث في بيت من بيوت أكابر قريش، ونتعلم من ذلك حُسن التخطيط.

وأوضح أستاذ التاريخ والعقيدة بكلية اللغة العربية، أن بعد الدعوة السرية أمر الله تعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم-بالجهر بالدعوة؛ فبدأ بأهله وعشيرته؛ حتى يجد فيهم السند وحُسن الإقبال، ثم انتقل من دعوة عشيرته إلى دعوة أهل مكة، وهنا بدأ ينادي الرسول -صلى الله عليه وسلم- على قريش كلها، وأشهدهم على صدقه أولًا؛ فشهدوا، ثم دعاهم إلى الدين الحق، موضحًا أن دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- ظلت سلمية على مدار (١٣) عامًا، ولم يرفع فيها الرسول -صلى الله عليه وسلم- سيفًا. وهذا يدحض تدليس المستشرقين أن الدعوة بدأت بحد السيف، كما ركز الرسول -صلى الله عليه وسلم- في بدء الدعوة على الأمور العقائدية والتوحيد؛ حتى ينقي النفوس من دنس عبادة الأصنام، ولن يأتي ذلك إلا بصلاح العقيدة.

من جانبه، أشار الدكتور/ نادي عبد الله، أستاذ الحديث وعلومه، وكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، أن الأمور كانت مبعثرة عند أهل قريش، ونبينا الكريم كان عليه أن يرتب المجتمع بصبغة جديدة، بدلًا من صبغة الجاهلية، التي كان الفقير والضعيف فيها مهان، لا أمن له ولا سلام، معلنًا ميلاد عهد جديد يُعلي من شأن الإنسان بعيدًا عن مقياس النسب والمكانة، وتم قياس قيمة الإنسان بالإيمان والتقوى. ومن هنا؛ نتعلم أن النبي لو أراد نجاح الدعوة سريعًا لعمل على استقطاب الأقوياء وعلية القوم، ولأزاح الفقراء عن مجلسه، لكن وضع صلاح الإنسان وكرامته فوق كل اعتبار، وأنه لا فرق بين غني وفقير، وقوي وضعيف.

وبيَّن الدكتور/ نادي عبد الله، أن مفهوم الجاهلية اختُلف في معناها؛ فقال العلماء: إنها سلوك وممارسات، وكل سلوك جائر فهو جاهلية؛ ولذلك لما أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يُذهب هذا المفهوم من قلوب الصحابة كان يتابع أصحابه في كل فعل وسلوك وممارسة، وينبههم إذا وقعوا في سلوك جاهلي؛ حتى أسس النبي مجتمعًا سليم النفس والعقيدة لا جاهلية فيه.

جدير بالذكر، أن "ملتقى السيرة النبوية" يعقد الأربعاء من كل أسبوع، في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وبتوجيهات من فضيلة الدكتور/ محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، وإشراف: الدكتور/ عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الرواق الأزهري، والدكتور/ هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر.
 

قراءة (183)/تعليقات (0)

كلمات دالة: