06 سبتمبر, 2016

الرياضة .. نظام تربوى إسلامي

الرياضة .. نظام تربوى إسلامي

بقلم د. النبوي سلامة (مدرس بكلية التربية الرياضية جامعة الأزهر)

ـ مما لا شك فيه أن الرياضة أصبحت ظاهرة اجتماعية تؤثر فى المجتمع  بكافة مناحيه سواء كانت السياسية أو الاقتصادية أوالعلمية أو الصناعية ......إلخ وتتأثر أيضاً بتلك الظواهر الاجتماعية؛ فالإنسان يمارس الرياضة منذ أن وطأت قدماه الأرض نتيجة لمتطلبات الحياة اليومية، فنجده كان يجري وراء فريسة أو هرباً من حيوان (الجري) أيضاً كان يسبح فى الأنهار والبحار (السباحة) فضلاً عن أنه كان يرمي الأحجار فى الأشجار طمعاً فى إسقاط بعض الثمار (الرمي) والعديد من مظاهر الحياة اليومية الاجتماعية التى كانت تجعل الإنسان يمارس الأنشطة الرياضية دون قصد، ولكن تلبية لاحتياجات الحياة المعيشية.

كذلك فإن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان فى حاجة إلى الحركة وربط نماء صحة الإنسان وتطورها بالحركة، ومع تقدم المجتمعات وتأسيس الدول والإمبراطوريات أضحت الرياضة لها مكانتها الاجتماعية وتختلف أهدافها باختلاف الفلسفات السائدة فى هذه المجتمعات، وما أود أن أشير إليه هو قدم هذه الظاهرة الاجتماعية عبر التاريخ الإنساني بصفة عامة وعصر صدر الإسلام بصفة خاصة، وفى عصر صدر الإسلام:ـ تؤكد السيرة النبوية الشريفة أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) حثَّ المسلمين على ممارستها لما لها من فوائد عديدة، وأنها توثر فى تكوين شخصية الطفل مبكراً فهي تطبع فى ذهنه منذ نعومة أظافره، كما أنها تتفق  والمبادئ الإسلامية، فهى تساير الأنظمة السائدة وتهدف إلى تماسكها .

ـ وحركة الإنسان فى الصلاة هى حركات تتشابه مع التمرينات البدنية، فنجدها تعمل على تنشيط النغمة العضلية والتى من شأنها المحافظة على الحد الأدنى للياقة البدنية للجسم .

ـ كما يسري مبدأ الوسطية فى الإسلام على أحد المفاهيم المعاصرة للياقة البدنية وهو مفهوم التحكم فى الوزن فيقول المولى جل شأنه: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)

وقال (صلى الله عليه وسلم) (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) ويقول أيضاً (رحم الله امرءاً أراهم من نفسه قوة) فإنه صلى الله عليه وسلم، يحث المسلمين علي ممارسة الرياضة والاهتمام بقوة أجسامهم .

وكان (صلى الله عليه وسلم) صاحب بنية قوية وصارع العديد من المصارعين الأشداء أمثال أبو الأسود الجنحي وأبو جهل وكانت الغلبة له (صلى الله عليه وسلم) .

ـ وقد سابق الرسول (صلى الله عليه وسلم) السيدة عائشة رضى الله عنها فسبقته مرة وسبقها آخرى وقال لها هذه بتلك، ولم يكتف النبى (صلى الله عليه وسلم) بحث المسلمين  علي ممارسة الرياضة بل مارسها مع الصحابة وزوجاته واستثمرها فى إسداء النصح والتوجيه والإرشاد للمسلمين أثناء ممارستهم لها، وكم داعب ولعب مع الحسن والحسين .

ـ الرياضة والخلفاء الراشدون:ـ

          كان الصحابة والخلفاء الراشدون من بعد الرسول (صلى الله عليه وسلم) من أكثر الناس حباً للرياضة وأكثرهم ممارسة لها، كما فطنوا إلى القيم البدنية والصحية والخلقية المتحصلة من ممارسة الرياضة، فنجد سيدنا عمر بن الخطاب يكتب إلى الولاة فى البلدان الإسلامية (علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل) وأن يهتموا بالتربية البدنية للأولاد.

ـ الأئمة والمفكرون والقادة السياسيون المسلمون والرياضة:ـ

          الإمام الشافعي المتوفي 820هـ  شغف بالفروسية والرمي حتى أنه اعتبرها من السنة الشريفة ـ ويقول كان همي فى شيئين:ـ (الرماية والعلم) فصرت فى الرمي بحيث أصيب عشرة من عشرة، ولم يقتصر الإيمان بقيم الرياضة والتربية البدنية على أئمة الفكر والتربية الإسلامية فحسب، بل آمن بها القادة السياسيون والولاة المسلمون فقد أوصى عبدالملك بن مروان مؤدب ابنه (أن يربي عقل الولد وقلبه وجسمه)، كما جاء أن الحجاج قال لمعلم ولده (علم ولدي السباحة قبل الكتابة).

          فالرياضة بمفهومها الصحيح لا تتعارض مع الإسلام وإنما يدعو لها ويحث عليها وأن التربية البدنية بما تشتمل عليه من تنوع فى ألوان النشاط يمكن أن تساهم بجدية وفاعلية فى سبيل تحقيق الأهداف العامة للمجتمع وتنميته وتطوره وتسموا به فى كافة المجالات الحياتية (الاجتماعية والاقتصادية والصحية والأخلاقية .....إلخ) وهذا ما سأتحدث عنه في المقالات القادمة بإذن الله.

قراءة (8193)/تعليقات (0)

كلمات دالة:
1345الأخير