08 أكتوبر, 2025

ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة: علينا الاستعداد الشامل بالإيمان والعلم والصناعة.. لبناء قوة الردع في مواجهة الأعداء

ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة: علينا الاستعداد الشامل بالإيمان والعلم والصناعة.. لبناء قوة الردع في مواجهة الأعداء


     عقد الجامع الأزهر، اليوم الثلاثاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، تحت عنوان: "عوامل النصر كما صوَّرها الإسلام"، وذلك بحضور: أ.د/ جميل تعيلب، وكيل كلية أصول الدين سابقًا، وأ.د/ حبيب الله حسن، أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، وأدار الملتقى الدكتور/ أحمد الطباخ، مدير المكتب الفني للجامع الأزهر.

في بداية الملتقى، أكد الدكتور/ جميل تعيلب، على ضرورة العمل والأخذ بالأسباب المؤدية إلى النصر؛ حيث إن أولى هذه الأسباب هو وجوب نصرة الله سبحانه وتعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}، وتتحقق هذه النصرة عبر أداء ما أمر به، والامتناع عما نهى عنه، كما أن نصرة الله تكون أيضًا بالأخذ بالأسباب المادية، مستشهدًا بقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}؛ حيث تشير هذه الآية إلى وجوب الاستعداد بأسباب القوة بما يناسب كل عصر؛ ولذلك ذكر فيها "من رباط الخيل" كرمز للقوة في ذلك الزمن، بينما في عصرنا هذا، توجد أدوات وأسباب قوة أخرى مختلفة يجب الأخذ بها.

وأوضح الدكتور/ جميل تعيلب، أن وصف المدافع عن وطنه بالإرهابي هو أمر مرفوض وغير مقبول إطلاقًا، مشيرًا إلى أن المفهوم القرآني: {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}، يعني هذا اللفظ إحداث الخوف والرادع في قلوب الأعداء؛ لمنعهم من الاعتداء والعدوان على الوطن؛ لذلك لا عذر لأي شخص في التخلف عن الدفاع عن وطنه ومقدساته، فالدفاع عن الأرض والعِرْض هو واجب شرعي ووطني عظيم، يستوجب تلبية نداء الحق في حماية الأوطان، مبينًا أن الدفاع الفاعل عن الأوطان يتطلب الثبات والتضحية؛ فالمقاومة الصادقة والمستمرة هي الطريق لنيل التمكين ورَدِّ كيد المعتدين؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ}.

وشدَّد الدكتور/ جميل تعيلب، على ضرورة الابتعاد عن الشائعات المغرضة التي تستهدف تفكيك الصف، وإثارة الفرقة بين الأمة؛ قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}؛ حيث إن هذه الشائعات هي سلاح الأعداء النفسي، وأن المطلوب هو اليقظة الإيمانية والاجتماعية في مواجهتها، مضيفًا أن الاستماع إلى القائد في وقت الأزمات، أمر مهم؛ لأن الأمة في حاجة ماسة إلى التلاحم ووحدة الصف.

من جانبه، بيَّن الدكتور/ حبيب الله، أن قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} هو خطاب شامل لكل فرد في الأمة، وليس مقتصرًا على مجال واحد، فالآية تدعو إلى الاستعداد والتجهيز المتكامل؛ حيث يُعدُّ كل شخص القوة في موقعه: المعلم بتربية الأجيال الواعية، والعامل بإتقان مهنته، والمزارع بتأمين الغذاء، والقائد بحسن الإدارة، والغاية من هذا الإعداد الشامل هي تحقيق الردع ومنع العدو، بحيث لا تسول له نفسه الاعتداء أو التفكير في الإضرار بالأمة، فالاستعداد الكامل قوة وقائية تضمن سيادة الأمة وسلامتها.

وقال الدكتور/ حبيب الله: إن نصر أكتوبر المجيد لم يكن مجرد صدفة، بل كان نتيجة إعداد كامل وشامل؛ حيث أعد كل فرد في موقعه المخصص ما استطاع من قوة، وهذا التضافر هو ما أثمر النصر المبين، مشيرًا إلى دور شيخ الأزهر، فضيلة الشيخ/ عبد الحليم محمود، والشيخ/ محمد الغزالي، والشيخ/ محمد متولي الشعراوي؛ حيث اضطلع هؤلاء الأعلام بمهمة الإعداد الروحي والتعبئة المعنوية للجماهير وللأبطال على الجبهة، وغرسوا فيهم روح الجهاد والصبر واليقين؛ مما كان له الأثر البالغ في تحقيق النصر.

وبَيَّنَ الدكتور/ حبيب الله، أن الأمة اليوم تواجه عدوًّا يحاربها بكل سلاح ومن كل ناحية؛ الأمر الذي يوجب علينا استعدادًا خاصًّا ومستمرًّا؛ لهذا فالأمة مخاطبة بالجهاد الدائم، مشيرًا إلى أن مفهوم الجهاد لا ينحصر في المواجهة المسلحة فحسب، بل هو العمل المتواصل والاستعداد الدائم في جميع المجالات؛ بهدف بناء قوة رادعة تجعل العدو دائمًا في خشية من الاعتداء، ولتحقيق هذا؛ يجب الأخذ بكل أنواع القوة، بدءًا من القوة الإيمانية الراسخة التي تمثل الأساس، مرورًا بالتسلح بالقوة العلمية والمعرفية، وصولًا إلى تعزيز القوة المادية من خلال التصنيع المتقن، وتنمية التجارة، وتطوير الصناعات المختلفة، مضيفًا أن جزءًا أصيلًا من هذا الاستعداد هو الابتعاد عن الموبقات والآفات المجتمعية كالـمخدرات وغيرها، والعمل على تطهير الصف الداخلي؛ ليكون بنيانًا مرصوصًا لا يخترق.


 

قراءة (115)/تعليقات (0)

كلمات دالة: