قال فضيلة الإمام الأكبر: إن القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى للنبي ﷺ، وهو معجزةٌ عقلية تتصف بصفتين أساسيتين؛ العموم لجميع الناس -ولجميع الجِنّ أيضًا- والاستمرار إلى آخر الزمن، مضيفًا: أن معجزة النبي ﷺ لم تنحصر في القرآن الكريم الذي هو معجزةٌ عقلية، فجمهور علماء المسلمين على أن هناك خوارقَ حسيّةً حدثت على يديه ﷺ منها: انشقاق القمر، وقد أشار إليه القرآن الكريم في مطلع سورة القمر، فقال: {اقتربت الساعة وانشق القمر}، ونَبْع الماء من بين أصابعه الكريمة، ومنها: حادثة سراقة بن مالك، وحنين جذع النخلة لمّا فارقه واستبدل به منبره، وإخباره عن فتح خيبر، إلى خوارقَ أخرى كثيرةٍ تواترت رواياتها، وتَقَبَّلها خاصة المسلمين وعامتهم.
وأوضح فضيلته؛ أن الإسلام هو الرسالة الخاتمة، والحلْقة الأخيرة في سلسلة الرسالات التي نزلت من السماء، ورسوله هو خاتم المرسلين، ومعنى خاتمية الرسالة المحمدية: هو عموم هذه الرسالة واستمرارها مع الزمن، وأن الإسلام هو الحلقة الأخيرة في سلسلة الأديان السماوية.
وبَيّن الإمام الأكبر أن للرسالة الإسلامية -بهذا الاعتبار- وجوهًا ثلاثة؛ فهي رسالةٌ خاتمة، ورسالةٌ عامة، ورسالةٌ مستمرة، والوصف الأول يقتضي الوصفين الآخرين ويستلزمهما؛ ذلك أن الرسالة المحمدية إذا كانت رسالةً خاتمة؛ فإن ذلك يقتضي أن تكون رسالةً عامة للناس جميعًا، ولا يصح أن يختص بها البعض دون البعض الآخر، وإلا جاء الهدي الإلهي ناقصًا يفيد منه قوم، ويُحرم منه آخرون، كما أن خاتمية الرسالة المحمدية تقتضي أيضًا أن تكون رسالةً مستمرة، وإلا لزم انقطاع الهدي السماوي، وتَوَقُّف اللُّطْف الإلهي عن الخلق والعباد، وهذا نقصٌ يستحيل أن يتصف به اللطيفُ الخبير.
وأضاف فضيلته: أن خَتْم الرسالة المحمدية وعمومها واستمرارها يرجع إلى سببين أساسيين:
السبب الأول: أن الرسالة الإسلامية بقيت سليمةً ومحفوظة ضمن النص القرآني، ولم تتعرض لأيّ نوعٍ من أنواع الحذف والإضافة والتأليف، وهذه خاصّةٌ تَفَرَّدَ بها القرآن الكريم، وقد وعد الله بحفظه من لدنه.
السبب الثاني: أن شريعة الإسلام تتسع لكل الاحتياجات التي تتطلبها المجتمعات الراهنة والمجتمعات المستقبلية، فهي مبنية على أصولٍ إنسانية روعيت فيها حاجات البشر المستجدّة والمستحدثة، ومتضمنة لكل المطالب الضرورية والكمالية التي تجعل من حياة الناس حياةً ميسورة وحياةً فاضلة كريمة، ومشتملة على كل الضمانات التي تكفل للحياة بقاءها واستمرارها وصيانتها عن الفساد والانحراف.
وأكّد الإمام الأكبر؛ أنه مع شريعةٍ بهذه الصفات والخصائص الجامعة؛ لا يجد العقل مُسَوِّغًا لظهور شريعةٍ أخرى، ومجيء رسولٍ آخَرَ بعد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.