أنابَ فضيلةُ الإمام الأكبر، أ.د/ أحمد الطيب، شيخُ الأزهر الشريف، فضيلةَ الشيخ/ صالح عباس، القائم بأعمال وكيل الأزهر؛ لحضور افتتاح المؤتمر العامّ التاسع والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، اليومَ السبت، والذي يقام هذا العامَ تحت عنوان: "بناء الشخصية الوطنية وأثره في تَقَدُّم الدول والحفاظ على هُوِيَّتها".
وقال وكيل الأزهر، خلال كلمته أمام المؤتمر: إن التعليمَ هو الركيزةُ الأساسيةُ لبناءِ الشخصيةِ الوطنيةِ السويَّةِ وحمايةِ هُوِيَّتِها من الاختراقِ أو الذوبانِ في الثقافات الوافدة أو المغلوطة، وَسطَ ما نحياه الآن من أمواجِ العولمةِ العاتيةِ وفي ظلِّ هذا الفضاءِ الإلكترونيِّ المُستباحِ بلا رادعٍ من ضمير؛ ممّا يؤكد ضرورة التعليم ليكون نظامًا آخَرَ أكثرَ فاعليّةً وتأثيرًا، بحيث يقومُ على الفَهْمِ والاستيعابِ ويُنَمّي مَلَكاتِ الإبداعِ والابتكارِ والبحثِ العلميِّ بمنهجيةٍ رصينةٍ، لا نظامًا يعتمد على الحفظ والتلقين.
وأضاف فضيلته: أن التعليمَ يُشَكِّل فرصةً حقيقيةً لبناءِ الإنسانِ ووَضْعِ ملامح شخصيته الوطنية السليمة؛ لذا يَتَعَيَّنُ علينا جميعًا أن نَغرسَ في نفوس أولادِنا منذ نُعومةِ أظفارِهم قيمةَ الولاء للوطن وفقه المواطنة وثقافة الحوار، وشرعيّةَ الاختلافِ وآدابه، وقَبولَ الرأيِ والرأيِ الآخَرِ؛ بما يُسهِم في تنشئتِهم على التعدديةِ الفكريةِ بعيدًا عن الانغلاق في مسارٍ أحاديٍّ، يعتقد صحتَه ويرى ما دونه خطأ.
ودعا فضيلته إلى أن يكون هناك مُقَرَّرٌ دراسيٌّ يدرسه أبناؤنا في المراحل التعليمية المختلفة، بحيث يتناول هذا المقرر في طيّاته موضوعاتٍ يكون على رأسها: قيمُ الولاءِ للأوطان، والمواطنةُ والتعايشُ السلمي، وأهميةُ السلام، والتسامحُ، وثقافةُ الحوار، وشرعيةُ الاختلاف، وقَبولُ الرأي والرأي الآخَر، إلى غير ذلك من القَواسمِ الإنسانيةِ المشتركةِ؛ لنُحَصِّنَ أبناءنا من الانزلاق في براثنِ الفكرِ الإرهابيِّ المتطرف، ولنغرسَ في عقولهم وقلوبهم تلك القيمَ الرفيعةَ.
وأوضح "الشيخ/ عباس"؛ أن فضيلة الإمام الأكبر قام بعِدّة مبادراتٍ تَصُبّ نتائجُها في مجال تجديد الفكر الديني والخطاب الدعوي؛ بما يُلَبّي متطلباتِ العصرِ، ويُساهِمُ في بناءِ الشخصيةِ الوطنيةِ السويّةِ التي تنفع بلادَها وتسعى إلى تقدُّمِها ورفعتِها، وذلك في إطار ما تقوم به الدولة المصرية بقيادتها الحكيمة في هذا الصدد؛ تحقيقًا للإستراتيجية الوطنية: «بناء الإنسان».
ونقَل وكيلُ الأزهر تمنياتِ فضيلة الإمام الأكبر لهذا المؤتمر بأن يخرجَ بتوصياتٍ جادَّةٍ، تكونُ خيرَ مُعينٍ على بناء الشخصيةِ الوطنيةِ والحفاظِ على هُوِيَّتها، وعصمتِها من ويلاتِ الغزو الثقافي؛ وتُحَقِّق التكاملَ المَنشودَ بين مُختلِفِ المؤسساتِ الوطنيةِ، وتُسهِم في إنتاجِ خطابٍ دينيٍّ مُستنيرٍ يجمع بين التراثِ والمعاصرةِ، ويُراعي فقهَ الواقعِ ويُركِّز على الجانب الأخلاقي واستعادةِ القيَمِ الدينيةِ والإنسانيةِ المَهجورة، ويَمتزج مع خطابٍ ثقافي وخطابٍ إعلامي، يكونان دِعامةً رئيسةً لتشكيل وِجدان الأُمَّة؛ بما يَتَناسَبُ مع تاريخها العريق وحضارتها المُلْهِمَة.