26 ديسمبر, 2024

وكيل الأزهر يشارك في حفل تخريج الدفعة الـ(٥٢) لكلية طب البنات بالقاهرة

وكيل الأزهر:

من تأمَّل تاريخ الإسلام وجد سجلًّا حافلًا من الإنجازات الحضارية للمرأة المسلمة

الأزهر يقف مع المرأة وينتصر لقضاياها ويسعى في تمكينها بما يحفظها من التقاليد الراكدة ويصونها من العادات الوافدة

نُقدِّم للعالم نموذجًا أزهريًّا للمرأة المسلمة القادرة على مواجهة العالم بالعلم والفكر والإبداع

وكيل الأزهر للخريجات: على كل واحدة منكُنَّ الحصول على شهادة الخيرية بخدمة الناس ونفعهم

 

     قال فضيلة أ.د/ محمد الضويني، وكيل الأزهر: إننا لسنا في حفل تتخرج فيه طبيبات ماهرات بعلوم الطب والتشريح فحسب، ولكننا أمام دليل عملي وبرهان واقعي يكشف بهتان المفترين الذين أظلمت عقولهم، وظلمت ألسنتهم؛ فراحوا ينشرون بين الحين والآخر أن الإسلام ظلم المرأة! فكيف ظلمها وقد فتح لها آفاق العلم الرحبة؟ وهل ظلم الإسلامُ المرأةَ وقد أباح أن تطلع على المراجع والكتب الأجنبية بما يثقفها ويوجهها ويعلمها؟ وهل ظلم الإسلام المرأة وقد جعلها طبيبة تعالج الأمراض وتخفف الآلام؟ ما لكم كيف تحكمون؟!

وأضاف وكيل الأزهر -خلال حفل تخرج الدفعة الـ(٥٢) لكلية طب البنات بالقاهرة- أن من تأمَّل تاريخ الإسلام وجد سجلًّا حافلًا من الإنجازات الحضارية التي وصلت فيها المرأة المسلمة إلى أسمى الدرجات العلمية والعملية، دون أن تُخِلَّ أو تُفرِّط في واجباتها بنتًا وزوجًا وأُمًّا. ومن الأعاجيب أن بعض المتصدرين يحاولون وضع المرأة بين مسارين: إما أن تثبت ذاتها، وتحقق مكانتها، وإما أن تقوم بواجبها الذي يناسب فطرتها، وكأنها بين خيارات متقابلة متعارضة!

وتابع فضيلته، أن الأغرب أن هذا الخطاب المنحرف يحاول بالإغراء مرة، وبالإلحاح ثانية، وبالخداع أخرى، أن يجبر المرأة على السير في هذا الطريق الذي قد يتعارض في بعض ملامحه مع خصائصها، فالتاريخ المشرق لهذه الأمة يقف شاهدًا على المُحرِّفين الذين يحاولون تجذير القطيعة بين المرأة وطبيعتها وطموحها، فكم حمل التاريخ من نماذج النساء اللاتي جمعن بين هذه الأمور كلها في غير تدافع ولا معارضة، وهذه أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- يقول عنها عروة بن الزبير ابن أختها: «ما رأيت أعلم بالطب من عائشة»، فأين المفترون من هذا التاريخ؟!

وأردف الدكتور/ الضويني، أن حفلنا اليوم هو فرحة تتجدد بزهرات من خير أمَّة أخرجت للناس، يُقدِّم برهانًا أزهريًّا وردًّا عمليًّا على من يتهمون الإسلام بظلم المرأة، مؤكدًا أن الأزهر الشريف ليقف مع المرأة وينتصر لقضاياها، ويسعى في تمكينها؛ بما يحفظها من التقاليد الراكدة، ويصونها من العادات الوافدة، ويقدم للعالم نموذجًا أزهريًّا للمرأة المسلمة القادرة على مواجهة العالم بالعلم والفكر والإبداع.

وأوضح وكيل الأزهر، أن هذا الحفل نجني فيه ثمرة التعب والسهر والآمال، وأثق تمامًا أن الخريجات والآباء والأمهات لتمتلئ قلوبهم اليوم فرحًا وسعادة، ولكني أدعوكنَّ إلى مزيد من الطموح، فلا ينبغي أن تتوقف أحلامكُنَّ عند شهادة التخرج، وإنما أريدكنَّ جميعًا أن ترفعنَّ راية الأزهر؛ فتكُنَّ إضافة جديدة في عالم الطب الأزهري -إن صحت التسمية- وأن تسعى كل واحدة منكنَّ إلى الحصول على شهادة الخيرية بخدمة الناس ونفعهم، ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الناس أنفعهم للناس»؟ وأريدكنَّ أن تجمعن إلى جنب ذلك دعوة الناس إلى الله، وبث الأمل والرجاء والتفاؤل في قلوبهم، بعيدًا عن مفردات المرض، والوجع، والألم، واليأس، والإحباط.

وبيَّن فضيلته، أنه ما أحوج واقعنا إلى خطاب الأمل بعيدًا عن خطاب الألم، وما أحوجه إلى خطاب الفرح والسعادة بعيدًا عن خطاب الحزن والكآبة. فإن الناظر إلى الواقع الذي نعيشه اليوم، وما فيه من سباق علمي يرفع المجتمعات أو يضعها، وما يتعرض له الدين والأزهر والوطن من هجمات- يدرك أنه واقع متسارع معقد؛ يوجب على المخلصين والمخلصات من أبناء الأمة البررة أن يتحملوا الأمانة بحُبٍّ، وأن يُعبِّروا عن الأمة ودِينها ورسالتها وتاريخها وقيمها وحضارتها بالحكمة والموعظة الحسنة.

واختتم وكيل الأزهر كلمته، بأنه لا أشك لحظة واحدة في أنكنَّ -أيتها الطبيبات- قادراتٌ -بوعيكنَّ الديني وحسكنَّ العلمي- على إدراك هذه التحديات والمخاطر التي تُحيط بنا، وتُحاك لنا، وتقف بالمرصاد تتنظر لحظة غفلة منا؛ لتتسلل داخل حدودنا وعقولنا وعافيتنا؛ ولذا فعلينا جميعا أن نقوم بواجبنا، وأن نعمل جاهدين للحفاظ على دِيننا وعلى هُويتنا، وعلينا أن نكون صورة مشرقة للإسلام والمسلمين بطريق عملي، ولا أفضل ولا أقدر على نقل تلك الصورة منكنَّ أيتها الطبيبات الداعيات إلى الله بالعلم والعمل.


 


كلمات دالة: