بطريرك الأقباط الكلدان فى العالم: جهود الأزهر للسلام وصلت مشارق الأرض ومغاربها.. واسألوا بورما
قال الدكتور مار لويس روفائيل ساكو الأول البطريرك الأكبر للأقباط الكلدان بالعراق والعالم وبطريرك كنيسة بابل للكلدان، إن جهود الأزهر الشريف للسلام ملموسة وواضحة، ونجدها فى بورما ونيجيريا ودول أفريقيا بصورة أكبر.
وأكد بطريرك الكلدان فى العراق والعالم خلال حواره مع «صوت الأزهر» على هامش مؤتمر الأزهر للسلام العالمى، أن التنظيمات الإرهابية لا تمت بصلة لأى دين سماوى، وأن التصاقهم بالإسلام هو ادعاء كاذب، مشيراً إلى أنها تمارس إرهابها من أجل تنفيذ مخططات وسياسات خارجية تهدف إلى تخريب الأوطان العربية.
■ تتواصل جهود الأزهر فى دعم السلام بالعالم وإحلاله محل النزاعات والاقتتال، فما رؤيتك لتلك الجهود؟
- بالطبع هذه الجهود التى يقدمها الأزهر الشريف برعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد شيخ الأزهر، وبفضل ما يقوم به من مبادرات حقيقية للسلام، ومكافحة التطرف والإرهاب لا يمكن إنكارها، كما أن الأزهر عوّد العالم على إطلاق وتدشين مبادرات قيمة من شأنها مساندة قضايا ومشاكل الأمة العربية بمختلف عقائدها بل والعالم، وأقول إن المؤتمر الذى أقامه الأزهر من أجل السلام العالمى إنما هو تتويج لهذه المبادرات والجهود، كما أنه جاء فى توقيت مناسب من أجل نشر السلام بقيادة مصرية عربية لدعم الاستقرار والسلام فى أرجاء المعمورة، كما أن انتشار السلام وتجديد الخطابات الدينية المختلفة يعملان على الارتقاء بالدول النامية، وهذا المؤتمر انطلاقة جيدة تسجل ضمن إنجازات الأزهر العالمية والتاريخية، ونحن فى العراق لمسنا حقيقة محاولات الأزهر لإحلال السلام محل القتال والعنف، ولسنا وحدنا من لمس ذلك، هناك غيرنا لمس تلك الجهود كالمسلمين والسيخ الموجودين فى بورما أيضاً لمسوا جهود الأزهر الداعمة للسلام، كذلك فى نيجيريا وأواسط أفريقيا، فنحن نتابع هذه الجهود التى يقوم بها الأزهر من أجل السلام.
■ ما رؤيتك للمشهد الحالى فى المنطقة العربية خاصة فى ظل وجود تنظيمات متطرفة؟
- المشهد السياسى الحالى صعب للغاية ولا يمكن اعتباره عادياً، فقوى الشر اجتمعت من أجل العنف والقتل والخراب، وما يحدث فى المنطقة العربية بشكل عام فى ظل وجود تلك التنظيمات الإرهابية بهذا الشكل والحجم وهذه الإمكانيات يؤكد أن هناك قوى شر تدفع لهم مقابل تنفيذ مخططاتها، ما يصيب بلداننا ويجرنا لحرب واقتتال لا نهاية له، وإذا لم نتكاتف على مواجهة هذه القوى فسوف نظل على هذا الحال من الاقتتال والعنف.
■ ذكرت أن ظهور التنظيمات الإرهابية فى المنطقة العربية بدافع من قوى الشر لتنفيذ أجندات وسياسات خارجية فمن هم قوى الشر؟
- التنظيمات الإرهابية فى المنطقة العربية كتنظيم «داعش» وباقى الجماعات المتطرفة فى دول العالم وجرائمهم التى ينفذونها واستهدافهم الأبرياء وتهجيرهم وسلب ممتلكاتهم هو بكل تأكيد مخطط ينفذ لصالح سياسات معينة، ومن يتتبع تلك التنظيمات من أين جاءت، وكيف ظهرت فجأة، وكيف دخلت بلداننا، وكيف لهم بأسلحة متقدمة، وما مصادر تمويلهم، يدرك أنها تنظيمات مدعومة تنفذ مخططات لصالح قوى كبرى، لذا فإنه من الواجب على الأزهر والكنيسة أن يتحدان معاً لتحقيق السلام الشامل للإنسان، والقضاء على الإرهاب والتطرف.
■ هل يعانى الأقباط الكلدان فى العراق من «داعش»؟
- نعم، نعانى، ولسنا وحدنا من يعانى من «داعش» وأخواتها، حيث إن جميع الطوائف الموجودة فى العراق تعانى من جرائمها الإرهابية، فتلك الجرائم لم تدع أحداً فى العراق إلا وطالته، ونحن تعرضنا لأذى كبير من تلك التنظيمات الإرهابية وليست داعش فقط، لذا فإننى أؤكد على ضرورة أن يخلص الجميع من أجل الأوطان لأنه أفضل شىء فى الوجود، كما أن الأديان كافة تحثنا على استقرار وأمن الأوطان، الذى لن يحدث إلا إذا تكاتفنا واتحدنا معاً دون تفرقة أو تمييز، وقتها نستطيع أن نقضى على الجماعات المتطرفة، ونعمل على استقرار أوطاننا.
■ ما حقيقة ما يقال أن حرب العراق مع إيران، وحرب الخليج الثانية، ودخول القوات الأمريكية للعراق فى 2003، وظهور داعش أدت إلى تسارع وتيرة هجرة المسيحيين الكلدان من العراق وتناقص أعدادهم بشكل كبير؟
- طوال الفترات العصيبة التى تعرض لها العراق يتعرض الأقباط الكلدان لعنف متعدد، ومع ظهور التنظيمات الإرهابية ظهرت هجرة الأقباط الكلدان، لكن الأغلبية العظمى رأت ضرورة مواجهة هذه الظروف القاسية التى يتعرض لها الوطن، وفضلت الوجود والتلاحم مع بعضها البعض لمواجهة هذا الخطر الإرهابى، ولا نزال صامدين أمام الإرهاب وسنظل حتى ننتصر.
■ ما قولكم فى ادعاءات التنظيمات الإرهابية بأنها تعبر عن الإسلام وتلصق نفسها به؟
- الإسلام لا يمكن أن يولد هذا الفكر المتطرف، ولا يمكن لتعاليم الإسلام أن تشجع على العنف والتخريب والقتال، التى هى فى الأساس مخالفة للفطرة البشرية، ومتعارضة تماماً مع ما يحثّ عليه الإسلام والأديان كافة بحفظ الحياة البشرية، وهذا ما يسعى إليه الأزهر فى كل مبادراته ومؤتمراته، وأنا شخصياً درست شريعة إسلامية وحصلت على الماجستير فى الفقه الإسلامى، وأقول إن حقيقة وجوهر الإسلام لا يمكن أن ينادى بتلك الأفكار التى ينتهجها الإرهاب.
■ من خلال دراستك للفقه الإسلامى، أهناك أى مذهب يدعو إلى العنف، وأكل الميت، وقتل الأسير؟
- لا، مطلقاً، فطوال فترة دراستى للحصول على درجة الماجستير فى الفقه الإسلامى لم أجد ما يدعو إلى العنف أو القتال، أو حتى قتل الأسير، وما وجدته ويشكل تراثاً أيضاً أن لكل شىء فيه له حكم ينظمه، ولا يترك هكذا، فلكل عبادة حكم يوضح موقف الدين منها، وجدت للصلاة فى الإسلام أحكاماً، وللصوم، وللزكاة، وللبيع والشراء، وحتى الزواج، والميراث.
أحمد نبيوة وحسن مصطفي
4752