أزمة اللاجئين: إنسانية ميركل تواجه عداء اليمين الألمانى للمهاجرين؟!
أعدت وحدة الرصد باللغة الألمانية ملفا خاصا عن وضع اللاجئين فى ألمانيا أظهرت فيه أن عدد اللاجئين الذين استقبلتهم ألمانيا خلال العامين الماضيين يربو على المليون لاجئ- أغلبهم من السوريين، فضلا عن لاجئين من دول أخرى كالعراق وأفغانستان وإريتريا والصومال ودول غرب أفريقيا. وقد تابع ويتابع مرصد الأزهر الشريف لمكافحة التطرف وضع اللاجئين فى الدول الناطقة باللغة الألمانية عن طريق وحدته الخاصة بتلك اللغة، ونستعرض فيما يلى تقرير حول قضية اللاجئين فى ألمانيا، يلقى الضوء على بعض القضايا فى مقدمتها مشاكل اللاجئين، مع تناول الحديث عن الاعتداءات التى تعرض لها اللاجئون فى الفترة الماضية، وكذلك الاتهامات التى تنسب إليهم، مع الإشارة إلى دور الحكومة الألمانية فى حماية اللاجئين ومساعدتهم وتوفير السبل لتيسير عملية اندماجهم.
أعداد اللاجئين
تعد ألمانيا الوجهة الأولى للاجئين من مختلف الدول كما ذكرنا نظراً لما لها من مزايا عديدة، لذا قَدِم إلى ألمانيا خلال عام 2015 قرابة المليون لاجئ أغلبهم من السوريين. فى حين بلغ عدد اللاجئين المقبلين خلال عام 2016 قرابة الثلاثمائة ألف لاجئ. أما عن أعداد اللاجئين المقبلين إلى ألمانيا منذ بداية العام الحالى وحتى نهاية مارس فقد بلغت نحو 47000 لاجئ أو يزيد قليلا. وتبلغ نسبة الأطفال واليافعين قرابة الـ 30% من إجمالى أعداد اللاجئين داخل ألمانيا، كثير منهم بلا عائل، وقد ورد فى تقرير نشرته جريدة «Welt am Sonntag» ما يؤكد هذا العدد فى عام 2016.
وقد رحبت ألمانيا باللاجئين وسهلت لهم إجراءات اللجوء الشرعى بشكل سليم، إلا أن هذا لم يمنع من وجود بعض التجاوزات لتلك القوانين وكثرة طلبات اللجوء غير الشرعية. وفى هذا الإطار نشرت جريدة دى فيلت تقريراً عن منع 307 مهاجرين متطرفين على الحدود الألمانية، جاء فيه أن حرس الحدود الألمانى منع أكثر من 300 شخص ممن يشكلون تهديداً للأمن الداخلى من دخول ألمانيا، وذلك خلال الأشهر الثمانية الأولى لعام 2016.
وأشار التقرير أنه فى عام 2016 مُنع ما يقرب من 20000 مهاجر غير شرعى على الحدود الألمانية، ومن غير الواضح تماماً كيف تم اختيار الممنوعين. ولكن تبين من رد الحكومة الاتحادية على الاستجواب الذى تقدم به حزب اليسار فى البرلمان الألمانى أن الشرطة الاتحادية منعت بين يناير وأغسطس 2016 نحو 307 أفراد على الحدود يمثلون «تهديداً للنظام العام والأمن الداخلى والصحة العامة أو للعلاقات الدولية لإحدى أو لأكثر من دول أعضاء الاتحاد الأوروبى». وخلال الفترة نفسها منع حرس الحدود 244 شخصاً آخرين طبقاً لما سموه بـ«رفض الدخول»؛ وهذا الأمر يُعد به إذا تم تسجيل أحد الأجانب فى الاتحاد الأوروبى فى النظام المعلوماتى لـ«شنجن» لارتكابه جرائم على سبيل المثال. ووفقاً للحكومة الاتحادية كان هناك 40% فقط من طالبى اللجوء عام 2016 ممن قاموا بتقديم وثيقة الهوية على الحدود. كما أشار التقرير أن طالبى اللجوء من خارج أوروبا كان لا يزال عددهم أقل بكثير. وقبل أشهر أبلغ المكتب الاتحادى البلدان الأصل بالبيانات المختصة: وبناءً عليه قدّم نحو 80% من السوريين الوثائق عام 2015، و10% فقط من إريتريا.
■ لماذا استقبلت ألمانيا اللاجئين؟
- السؤال الآن حول السبب وراء استقبال اللاجئين. هل انطلقت ألمانيا من أسباب إنسانية بحتة؟ أم هى لعبة المصالح والسياسات الخاصة؟ فيما يلى محاولة للبحث عن إجابة لهذه التساؤلات. يصل آلاف المهاجرين، وأغلبهم سوريون، يومياً إلى ألمانيا حيث تبذل الأوساط الاقتصادية كل ما فى وسعها لتسريع دخولهم إلى سوق عمل يعانى من نقص اليد العاملة، لكن الأوساط السياسية تواكب هذه المسألة بخطوات صغيرة فقط، ووفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية (فرانس برس)، قال رئيس اتحاد الصناعات الألمانية الواسع النفوذ أولريش جريللو «إذا ما تمكنا من إدخالهم سريعاً فى سوق العمل، فسنساعد اللاجئين ونساعد أنفسنا». وينتظر الاقتصاد الأوروبى الأول وصول 800 ألف لاجئ جديد هذا العام.
إلا أنهم لن يتمكنوا جميعاً من البقاء فى ألمانيا، لأن رعايا دول البلقان متأكدون إلى حد كبير أنهم سيضطرون إلى سلوك طريق العودة. لكن المؤسسات التى تعانى من نقص فى اليد العاملة، بدأت تنظر بمزيد من الاهتمام إلى المرشحين للحصول على اللجوء، وتعتبرهم هبة ثمينة فى بلد يميل إلى الشيخوخة.
ويقول اتحاد أرباب العمل إن ألمانيا التى تراجعت فيها البطالة إلى أدنى مستوياتها 6.4% منذ التوحيد، تحتاج إلى نحو 140 ألف مهندس ومبرمج وتقنى، مضيفاً أن قطاعات الحرف والصحة والفنادق تبحث أيضاً عن يد عاملة. ويمكن أن تبقى نحو 40 ألف فرصة تدرب شاغرة هذه السنة.
وتتوقع مؤسسة «بروجنوس» نقصاً يقدر بنحو 1.8 مليون شخص فى العام 2020 فى جميع القطاعات، و3.9 ملايين على مشارف 2040 إذا لم تحصل تبدلات، وأكّد أولريش غريللو أن تدفق القوى العاملة الجديدة يمكن أن يغير المعطيات، لأن عدداً كبير من المهاجرين ما زالوا شبانا وتتوافر لديهم «فعلاً مؤهلات جيدة».
ويزداد على الصعيد المحلى، عدد المؤسسات التى تفتح أبوابها للأجانب الذين تشجعهم مبادرات هادفة. وهذا ما ينسحب على منطقة أوجسبورج فى بافاريا حيث لا يهتم «مستشار ثقافى توجيهى» من الغرفة المهنية إلا بهذه المسألة. وقد أرسل منذ بداية السنة 63 شاباً لاجئاً إلى التدرب المهنى.
ولتوسيع إطار هذه الظاهرة، طالب رئيس اتحاد أرباب العمل إينجو كرامر «ببذل جهود على كل المستويات».
ترحيل اللاجئين
ولهذا سعت ألمانيا لترحيل بعض اللاجئين إلى بلادهم ممن رفضت طلبات لجوئهم لأسباب مختلفة، وكانت أفغانستان ودول المغرب العربى لهم الحظ الأكبر فى ترحيل مواطنيها إليها مرة أخرى. وقد ذكر فى بعض التقارير أن عدد المرحلين إلى دول المغرب العربى فى منتصف عام 2016 قد بلغ 368 من إجمالى 8363 طالب لجوء، ثم تزايد ليصل إلى 404 طالبي لجوء على النحو التالى من التفصيل؛ 119 طالب لجوء ممن رفُضت طلباتهم إلى دولة المغرب و169 إلى الجزائر و116 إلى تونس.
كما عزمت الحكومة الألمانية على ترحيل عدد من اللاجئين الأفغان، معظمهم من طالبى اللجوء إلى جانب بعض مرتكبى الجرائم من ولاية بايرن وولاية شمال الراين-وفستفاليا وولاية بادن-فورتمبيرج وولاية هامبورج إلى أفغانستان. إلا أن النساء والأطفال والعائلات والأشخاص الذين تجاوزوا الخامسة والستين قد استثنوا من الترحيل.
وعلى الرغم من زيادة عمليات الترحيل فى العام الماضى إلى دول المغرب العربى، إلا أن تلك الأعداد ما زالت أقل مقارنة بأعداد من يجب ترحيلهم، فقد تم ترحيل 119 طالب لجوء ممن رفُضت طلباتهم إلى دولة المغرب و169 إلى الجزائر و116 إلى تونس. فى حين بلغ إجمالى عدد من يجب ترحيلهم من ألمانيا نهاية العام الماضى نحو 3736 إلى المغرب و3784 إلى الجزائر و1515 إلى تونس، طبقا لما أفادت «Die FUNKE MEDIENGRUPPE» فى تقريرها استناداً على وزارة الداخلية الألمانية.
ومن هنا طالبت ميركل بتسريع عمليات الترحيل إلى تونس لطالبى اللجوء، الذين رفضت طلباتهم، جاء هذا فى إطار لقاء ميركل مع رئيس الوزراء التونسى «يوسف الشاهد» خلال زيارة له فى برلين، وقالت أن هذه القضية لا بد أن «يتم معالجتها بشكل أسرع، خاصة عندما يدور الأمر حول أناس خطيرين»، وذلك حسبما أشارت «ميركل» فى رسالة مرئية لها؛ وكانت تشير فى حديثها إلى مرتكب حادث برلين، «أنيس العامرى». هذا وقد فشل ترحيل هذا التونسى الإرهابى المشتبه به بسبب الأوراق المفقودة.
هذا وتشهد قضايا اللجوء فى ألمانيا مساحة واسعة فى الشارع الألمانى، حيث تظاهر الآلاف اعتراضاً على ترحيل بعض اللاجئين إلى أفغانستان والعراق، بحجة أن هذه البلدان غير آمنة. وكان رد الحكومة الألمانية أنها أبرمت فى أكتوبر الماضى 2016 اتفاقاً مع الحكومة الأفغانية يقضى بترحيل اللاجئين الأفغان إلى أفغانستان، كما وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون، يتم على أساسه ترحيل اللاجئين، الذين رُفضت طلبات لجوئهم، فى المستقبل بشكل أسرع، الأمر الذى أعلنت الحكومة الاتحادية من خلاله أن هناك أكثر من 200000 شخص قد سمح لهم باللجوء.
ومن جانبها وجّهت المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» انتقادات واسعة لولاية شليسفج هولشتاين، الواقعة بشمال ألمانيا، لرفضها ترحيل اللاجئين الأفغان، الذين رفضت طلبات لجوئهم، مؤكدة على وجود مناطق آمنة داخل أفغانستان وأنه ليس كل السكان هناك فى خطر، كما احتج المتظاهرون، وأضافت أن هذه المناطق رحبّت بالفعل بعودة هؤلاء اللاجئين، وفقاً لما أقرّ به المكتب الاتحادى للهجرة واللاجئين.
وفى إطار مشابه دعا رئيس الوزراء العراقى «حيدر العبادى» المهاجرين العراقيين إلى ألمانيا بالعودة إلى ديارهم مرة أخرى، وذلك فى ضوء تحقيق النصر على تنظيم داعش الإرهابى. وقد صرح» العبادى» بأن الحرب فى مدينة الموصل أوشكت على الانتهاء، وقد تمكنت القوات من السيطرة على الجزء الغربى من المدينة وعلى وشك إحكام السيطرة على وسط المدينة، ولذا سيُجبر العدو على الفرار أو الموت، هذا ما صرح به رئيس الوزراء العراقى حيد العبادى لجريدة «داس بيلد». ولذا فيجب على اللاجئين العراقيين أن يعودا إلى ديارهم مرة أخرى، لإعادة إعمار تلك المناطق.
وقد وفرت ألمانيا لمن يريد العودة إلى دياره مركزا خاصا يعمل على تنسيق عمليات الترحيل وإجراءات العودة. كما تبذل ألمانيا جهودا كبيرة لتشجيع من لم يحصل على طلب موافقة لطلب لجوئه المقدم على العودة إلى بلاده حتى لا يساهم فى تصاعد حدة الأزمة الموجودة.
العنف ضد اللاجئين وردود الأفعال
منذ ظهور حركة بيجيدا نهاية عام 2014 على يد «لوتز باخمان» ومجموعة من المؤسسيين تعبيراً عن عدائهم للأجانب وخاصة المسلمين منهم، فعند وجود أعمال عنف كثيرة ضد الأجانب، كيف هو الحال إذا بعد قدوم اللاجئين إلى ألمانيا وخاصة بعد أحداث باريس «شارلى إبدو» التى استغلتها بجيدا ليكون لها مردوداً سلبيا على اللاجئين. كما نرى اعتداءات على اللاجئين وعلى مراكز إيوائهم كذلك، حيث قامت حركة «بجيدا» بإشعال النار عمداً فى اثنين من مخيمات اللاجئين، ولم يسفر الحادث عن أى إصابات. وفى ولاية ساكسونيا السفلى تم إشعال النار فى أحد معسكرات اللاجئين، وقامت قوات الأمن بإلقاء القبض على الجانى الذى يبلغ من العمر 43 عاما بالقرب من مدينة هانوفر، إلا أن الحدث لم يُسفر عن أى إصابات.
اتهامات بحق اللاجئين
هذا ولم يسلم اللاجئون من توجيه بعض التهم إليهم فقد اتخذت محكمة العدل الأوروبية القرار المبدئى، الذى يشير إلى أن من يدعم المنظمات الإرهابية، ليس له حق اللجوء. وبعد صدور هذا الحكم صار لزاما على دول الاتحاد الأوروبى عدم توفير حق اللجوء لمؤيدى الإرهاب. ولا ينطبق هذا على المشاركين بأنفسهم فى الأعمال الإرهابية فقط، بل على كل من يقدمون يد العون والدعم للإرهابيين. ومن ضمن الاتهامات التى وجهت للاجئين كانت تهمة التحرش الجماعى، حيث مَثُل فى فبراير 2017 تسعة لاجئين عراقيين، تتراوح اعمارهم بين 22 و47 عاما أمام المحكمة بفيينا بتهمة التحرش الجماعى بألمانية، فى الأول من يناير عام 2016 خلال الاحتفال بليلة رأس السنة. هذا ومن المقرر النطق بالحكم فى الثانى من مارس.
مساعدات للاجئين
استوجب وضع اللاجئين نوعا من المساعدة فى ألمانيا من قبل الحكومة والشعب، فقامت الحكومة بتوفير البطاقات الصحية المجانية لعلاج اللاجئين بالمستشفيات وتوفير السكن لهم وإنشاء المراكز الثقافية المختلفة لتسهيل تعلم اللغة الألمانية وبالتالى الحد من مشاكل الاندماج فى المجتمع.
ومن صور دعم اللاجئين كان توفير فرص عمل لهم وإدماجهم فى سوق العمل الألمانى بطريقة أكثر فعالية. ففى ندوة بعنوان: الاستغلال المشترك للفرص، عرض نحو سبعين من ممثلى الشركات، التى لديها عمالة أو متدربين من اللاجئين فى ألمانيا، خبراتهم فى التعامل مع العمالة الوافدة وكيفية الاستفادة منهم وسبل تمويلهم، من بين الحضور كانت ممثلة شركة «نوردلوفت» للأجهزة التكيفية، والتى تحدثت عن تجربة شركتها مع العمالة الوافدة، حيث إنه نظراً لنقص العمالة الألمانية والنقص فى عدد المتقدمين لمثل هذه الوظائف، فإنه قد تم الاستعانة باثنين من اللاجئين أحدهما باكستانى والأخر سورى، وقد تحدث العاملين فى مؤتمر صحفى وذكرا أنهما كانا متشككين فى قدرتهما على الاندماج والعمل، إلّا أن الأمر سار بشكل جيد؛ فسياسة الشركة تعمل على دعم ونجاح جميع العاملين، وعما إذا كان العاملين استطاع الاندماج والعمل بنجاح، فقد أجابت السيدة «عُلا كامبرز» بأنها لا تسطيع أن تُؤكد ذلك، إلّا أنه من المُؤكد أن الفرصة ما زالت سانحة أمامهم. وتكمل السيدة «كامبرز» بأنه فى ذلك التوقيت كان هناك الكثير من العقبات أمام عملية الاندماج الوظيفى بالنسبة للاجئين، أمّا الآن فإنه قد زالت كثير من هذه العقبات، بل على العكس فقد توافرت كثير من سُبل الدعم والرعاية. هذا ما أكددته أيضاً السيدة «تينا هيليوش»، رئيسة مجلس إدارة الوكالة الخاصة بالعمل بمدينة «فيشتا»، والسيد ماركوس ناكا، أحد أعضاء مجلس إدارة مركز المهن الحرفية بمدينة «فيشتا» وكذلك السيد ديرك جيرمان، مدير المكتب الخاص بالدعم الاقتصادى ومركز التطوير، كل هؤلاء يعملون جميعا على تشجيع ممثلى هذه الشركات والمصانع لتوفير فرص عمل حقيقية للاجئين، وشدد السيد ماركوس ناكا بأن هذا الأمر مرتبط بالجهد الذى يبذله اللاجئون، أما إذا تكاسل اللاجئون أو عجزوا عن ذلك، فإنه لن تكون هناك فرصة الحصول على الوظيفة بالمجان.
جاءت المساعدة أيضاً فى شكل عقد اتفاق مع بعض الدول ودعمها ماديا لتسهيل عودة اللاجئين الذين رفضت طلبات لجوئهم أمنيا أو غير ذلك مثل ما حدث مع دولة أفغانستان.
كما جاءت المساعدات الحكومية فى صور أخرى مثل إنشاء مراكز إيواء مؤقتة للاجئين الجدد مثل ما تم بولاية بايرن الألمانية، لأصحاب فرص البقاء المنخفضة، بالقرب من المطار بديلا عن توزيعهم على مدن الولاية وذلك من أجل تخفيف الضغط على المدن وتسهيل عملية إعادة ترحيلهم إلى أوطانهم مستقبلاً. كما سيتم ترحيل كل من رفُضت طلب لجوئه من اللاجئين أو من قام بالخداع فيما يخص هويته إلى هذه المراكز مستقبلا.
أما الشعب الألمانى فقد رحب معظمه - سوى بعض المتطرفين اليمينيين - باللاجئين وساهم فى تقديم المساعدات المعنوية والمادية لهؤلاء الذين خاضوا رحلة شاقة بحثا عن الأمن والاستقرار. وكان من المشاركين فى إغاثة اللاجئين مسلمون ألمان ومسلمون من أصول غير ألمانية ومسيحيون ولا دينيين وغير ذلك من مختلف الأطياف.
إلا أن كانت مشاركات المسلمين فى إغاثة اللاجئين أكبر من مشاركات غيرهم من المسيحيين أو اللادينيين طبقا للبيانات الخاصة للدراسة التى أجرتها مؤسسة «برتلسمان»، فقد أوضحت تلك الدراسة أن 44% من المسلمين الذين أجريت تلك الدراسة عليهم شاركوا العام الماضى فى أعمال تطوعية لمساعدة اللاجئين.
فيما كانت نسبة المسيحيين نحو 20% واللادينيين 17%. لذا كان المسلمون من «أهم بناة الجسور فى مجتمعنا» كما أطلقت عليهم تلك المؤسسة، وكانت المساهمة فى تلك الأعمال التطوعية بمثابة مساعدة فى اندماج اللاجئين فى المجتمع، فالمتطوعون فى تلك المساعدات ساهموا بشكل غير مباشر عن طريق خبراتهم فى الاندماج وتصوراتهم الديمقراطية فى إبراز نماذج ناجحة قادرة على الاندماج فى المجتمع.
وفى تقرير آخر صرح مراقبو الأديان عام 2017، أن العمل التطوعى زاد فى الآونة الأخيرة بشكل كبير لمساعدة اللاجئين فى ألمانيا وخاصة من قبل الروابط الإسلامية. من أهم هؤلاء المتطوعين «إحسان وهبى»، لبنانية المولد فى منتصف الأربعينات التى تعيش فى ألمانيا منذ 32 عاماً، وهى دائماً موجودة عند الحاجة إليها، . فعندما اندلعت الفوضى بين صفوف السلطات فى برلين خريف 2015، لم تتردد «إحسان» أبداً فى إمساك عربة المتطوعين لمساعدة اللاجئين.
44% من المسلمين يشاركون فى العمل التطوعى
يشير مراقبو الأديان2017 أن المسلمين ليس وحدهم الذين يقومون بهذا العمل. فالدراسة تعتمد على استطلاع الرأى الذى يشارك فيه نحو 1000 مسلم فى ألمانيا من جذور مختلفة من تركيا وجنوب شرق أوروبا وإيران وشمال أفريقيا والشرق الأوسط. وفى عام 2016 تم استبيان ما يقرب من 10.000 فرد فى ألمانيا والنمسا وسويسرا وفرنسا وبريطانيا العظمى وتركيا.
وقد تبين أن 44% من المسلمين الذين شملهم استطلاع الرأى فى ألمانيا انخرطوا العام الماضى فى أنشطة مختلفة لمساعدة اللاجئين. وفى المقابل، بلغت هذه النسبة بين المسيحيين 21% واللادينيين 17%. والهدف من هذه الدراسة هو تسليط الضوء على الكتاب اللذين يلقون التوجيهات ودور الدين فى تحقيق التكامل الاجتماعى للاجئين. كما تُشير النتائج إلى أن المسمين فى ألمانيا يقومون بشكل ملحوظ على مساعدة اللاجئين بصورة أكبر من المسيحين أو اللادينيين.
وحدة الرصد الألمانية
1150