من يعمل لحساب من؟
الإرهاب لا دين له...
تلك هي الحقيقة التي ما فتئ الأزهر يؤكد عليها في تصريحاته وتوجيهاته وبياناته الرسمية وكذا خطاباته الشعبية، ويشارك الأزهر في هذا الاتجاه كافة العقلاء من مختلف الديانات، وليس هذا مجرد ادعاء، بل إن ما يرصده مرصد الأزهر يوضح كيف يتم ذلك، حتى وإن لم تكن هذه الجماعات بحجم تنظيم داعش وما شابهه؛ فقد رصدت وحدة اللغة الإنجليزية ما يقوم به تنظيم "كو كلوكس كلان" الإرهابي أو المعروفة بالـ"KKK، ودعمه لمرشح الرئاسة الأمريكية المحتمل دونالد ترامب، بسبب تحريضه ضد المسلمين.
وإنما نذكر هذه المقدمة السريعة لنحاول من خلالها فهم خبر مهم نشرته مواقع الأخبار العالمية حول تنظيم داعش هذا الأسبوع.
فقد ذكر موقع Clarion Project يوم 8 مارس خبرًا بعنوان "داعش تنشر فيديو: سوف نهاجم أمريكا في القريب العاجل" وجاء في الخبر أن عناصر من تنظيم داعش قد نشروا مقطع فيديو يزعمون فيه أنهم سيهاجمون أمريكا قريبًا جدًا، وأنهم يحذرون الرئيس الأمريكي أوباما بشن هجمات على أمريكا مثل هجمات باريس. وكالعادة قام المتكلم في الفيديو بقطع رأس شخص في محاولة لذعر الشعب الأمريكي.
هذا الخبر جاء ليؤكد ما ذكره موقع Sunday Express يوم 6 مارس من أن "داعش تخطط لقتل مئات الأمريكيين لعرقلة الانتخابات الأمريكية" وجاء في الخبر أن تنظيم داعش يخطط للقيام بهجمات إرهابية على غرار هجمات فرنسا، وذلك قبيل الانتخابات الأمريكية، ونقلت الصحيفة أيضًا عن الدكتور تيودر كاراسيك، الخبير في الشؤون السياسية في منطقة الخليج، بأن تنظيم داعش سيقوم بعرقلة الانتخابات الأمريكية عن طريق القيام بهجمات إرهابية، وأضاف أيضًا بأن هذه الهجمات تدعم دعاوى المرشح الأمريكي" دونالد ترامب" بشأن منع تواجد المسلمين في الولايات المتحدة إضافة إلى سياسته ضد اللاجئين، وجدير بالذكر أن التنظيم نفذ ما يربو على 70 هجومًا إرهابيًّا في أكثر من 20 دولة خارج أراضي التنظيم بسوريا والعراق، وفي سياق متصل يعتقد الخبراء بأن داعش سوف تكثف من عملياتها خارج سوريا والعراق لإلحاق المزيد من الضرر بالدول الغربية، وأفاد كاراسيك أيضًا أن داعش سوف تستفيد من فوز ترامب في الانتخابات؛ وذلك لسياسته تجاه إيران التي من شأنها أن تفضي إلى زعزعة الاستقرار بالشرق الأوسط.
وحتى نفهم هذه التصريحات لا بد أن ندرك أن هذه الأخبار إنما تصب في صالح دونالد ترامب؛ لأنها تقدم دليلًا عمليًّا للأمريكان على صحة موقف دونالد ترامب من المسلمين، حتى ولو لم تنفذ داعش هذه الهجمات على أمريكا، فإن مجرد التصريحات قادرة على تقوية دونالد ترامب في سباق الرئاسة الأمريكية.
نعم يبقى هناك احتمال أن تكون هذه مجرد حرب إعلامية من بعض أنصار ترامب لدعم مرشحهم، لكن يبعد الاحتمال؛ لأن تنظيم داعش بما يقدمه عن نفسه، ليس بحاجة لمثل تلك النوعية من الحروب، بل إنه يفرح بها لأنها تثبِّت أركانه وتحقق أهدافه.
لكن السؤال الآن: كيف نفهم هذه التصريحات من داعش؟
لدينا احتمالان اثنان:
أولًا: أن تكون داعش بالفعل أداة مخابراتية للقوى الدولية التي تحاول رسم السياسات الدولية وفق مصالحها، وبالتالي فإنهم بذلك يدعمون موقف ترامب.
ثانيًا: ألا تكون داعش كذلك، وهنا سيكون التفسير الوحيد لهذه التصريحات، وفي هذا التوقيت هو أن داعش تريد بأفعالها نجاح شخصية مثل ترامب؛ لأنها تعلم أنه سيمثل نوعًا من الاضطهاد لمسلمي الولايات المتحدة - القوة الأكبر في العالم- ومثل هذا الاضطهاد من شأنه أن يعزز من تواجد داعش وقوتها.
وإذا أدركنا ذلك، فسندرك حجم الخطأ والتهور الذين قدمهما دونالد ترامب، والدعم الذي قدمه لمثل هذه التنظيمات بما مارسه من إرهاب شعوري ضد أبناء دولته التي يسعى ليتولى رئاستها.
هنا نتذكر ما صدرنا به مقالتنا من أن الإرهاب لا دين له، وأنه موجود بين أتباع كل ديانة، بل إن الدين منه براء، بل هي سياسات كبرى تسعى لخدمة مصالحها، ولعلنا بمحاولة الإجابة عن هذا التساؤل الذى طرحناه فى هذا المقال نكون قد لامسنا طرف الحقيقة التى سوف تسهم عند الكشف عنها فى فك كثير من تلك الخيوط المتشابكة التي تصيب الجميع بالحيرة فى اتخاذ مواقف تجاه ما يحدث على الساحة الدولية، ومنع كثير من هؤلاء الشباب من الوقوع فى براثن هذه الجماعات الإرهابية.
ويبقى الرهان الآن على الشعب الأمريكي الذي لا بد له أن يدرك حجم الكوارث التي يمكن أن تتواجد بدعمهم لمرشح بأفكار دونالد ترامب وتوجهاته.
3162