علماء دين وسياسيون: بيان "كبار العلماء" .. تجنى ثماره الأسرة المسلمة
* د. عمر هاشم: الهيئة تناقش قضية الطلاق الشفوى منذ شهور والأعضاء قدروا موقف الرئيس بتوجيه الموضوع للأزهر باعتباره جهة الاختصاص
حسمت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف الجدل المثار عبر وسائل الاعلام عن قضية الطلاق الشفوى خلال الفترة الماضية، ما اعتبره البعض بالانتصار للاسرة المسلمة عامة والمصرية خاصة. وأكد عدد من علماء دين وسياسيون، أن هذا البيان جاء بعد دراسة دقيقة من اللجان الفرعية التابعة لهية كبار العلماء بالأزهر، والتى كان مقدمة لإجماع الآراء بالهيئة وإلى هذا التحقيق:
قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، إن بيان الهيئة الخاص بالطلاق الشفوى صدر باجماع الآراء، لافتا إلى أن الهيئة راعت فى البيان موافقة الشريعة الإسلامية بما يتماشى مع القرآن والسنة وإجماع علماء الامة.
وشدد عضو هيئة كبار العلماء، أن الهيئة دائما وأبدًا تراعى الدقة فى احكامها وتاخذ بالأحكام من واقع الكتاب والسنة فى حميع اجتهاداتها العلمية والشرعية، وهذا دأب الأزهر وهيئتاته المختلفة.
ولفت هاشم، إلى أن آليات إصدار البيان جاء بإحماع الأعضاء، بعد اجتماعات متعددة من كافة اللحان الفرعية الخاصة بالهيئة، لافتا إلى أنه اجتمع بأعضاء لجنة السنة، وبحثوا فى عدد من الجلسات المنفصلة ما يتماشى مع النصوص الواردة فى السنة النبوية، مضيفًا أنه تم عقد اجتماعات مماثلة للجنة الفقه ولجنة التفسير لمناقشة هذا الأمر، وتم النظر فى كافة التقارير الصادرة وعرضها على الهيئة وبناء عليه تم إصدار البيان المهم للأمة حفاظًا على الأسرة المسلمة.
بينما قال الدكتور نصر فريد واصل، عضو هيئة كبار العلماء والمفتى السابق، إن الهيئة أصدرت رأيها الشرعى فى الطلاق الشفوى، وذلك للحفاظ على حق الزوجة والأبناء فقط، مضيفًا أنه يجب الإشهاد على الطلاق الشفوى، وتوثيقه خلال 30 يوما من وقوعه، مطالبًا بعقاب من لا يوثق الطلاق الشفوى.
وشدد عضو هيئة كبار العلماء، أنه إذا أصبحت الحياة الزوجية مستحيلة يجب وقوع الطلاق وتوثيقه لحفظ الحقوق، وعلى المسئولين وضع التشريع اللازم لعقاب من لا يوثق الطلاق الشفوى حفاظًا على استقرار الأسرة المسلمة.
من جهته، قال الدكتور عبد المنعم فؤاد، عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين بجامعة الأزهر، إن بيان هيئة كبار العلماء بإقرار الطلاق الشفهى جاء لوضع النقاط على الحروف.
وأضاف فؤاد، أن "الأزهر"، انطلاقًا من مسئولياته قال كلمة الحق، وبيّن ما كانت عليه الأمة من وقت رسول الله حتى يومنا هذا، مؤكدًا، أن مسألة التوثيق هى لحفظ الحقوق، وضرورتها فى زمن خربت فيه الذمم، وكان لابد من علاج أسباب الطلاق، والدواعى التى تؤدى إليه.
وأوضح فؤاد أن صريح القرآن هو الذى أقر بأن الطلاق الشفهى هو طلاق مكتمل، لافتًا أن الإسلام لا يمنع الآراء، وهناك ما يسمى برأى الجمهور، مشددًا على أنه لا اجتهاد مع النص، إنما فهم النص هو المهم.
فى ذات السياق، قال الدكتور سعيد عامر، الامين العام المساعد للدعوة الإسلامية والاعلام الدينى بالأزهر الشريف، ان بيان هيئة كبار العلماء جاء شافيًا وكافيًا ومانعًا.
ولفت عامر، إلى أن فضيلة الإمام الأكبر انتهج نهج النبى وصحابته الكرام فى التشاور فى القضايا التى تمس حياة الأمة، مضيفًا أن شيخ الأزهر یعلم أن الفتاوى المتعلقة بعموم الأمة أو الوقائع المستجدة والنوازل الحادثة تُحال إلى المجامع الفقهية والهيئات الشرعیة للإفتاء "ھیئة كبار العلماء، مجمع البحوث الإسلامیة"، وأن الاجتھاد الجماعى دائماً أقرب للحق وأكثر صواباً.
وأشار الأمين المساعد للدعوة، إلى أنه إذا صدرت الفتاوى من الجهات المختصة كانت أكمل وأفضل للوصول للحق، وأن الشرعیة للفتوى مما یسبب تشویشاً على الناس ویسبب لهم الارتباك، أما الأقوال الفردیة ونشرھا فى وسائل الإعلام، فهذا یحدث تصادماً مع فتاوى الهیئة المختصة الرسمیة وللحد من ھذا التشویش والارتباك أحال فضیلة "الإمام الأكبر "قضایا فقهیة ومنها الطلاق الشفوى إلى ھیئة كبار العلماء واللجان الفقھیة بمجمع البحوث الإسلامیة لبحث الموضوعات من جمیع الجوانب، وھذا ھو العمل العلمى بعیدًا عن الإثارة الإعلامیة، وهذا ما حدث بالفعل عند صدور الفتوى التى حسمت ھذا الجدل.
وقال الدكتور أحمد الصاوى مدرس العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، إن الطلاق الشفوى كان قضية اقتات عليها بعضٌ ممن يدَّعون العلم والدين وجروا خلفهم بعض السياسيين، ولم يصنع الأزهر هذه الأحداث ولكنه وقف حيالها هادئًا متزنًا فى غلواء الفتن؛ ودوران حماليق الأعين.
وأوضح مدرس العقيدة، ان الأزهر وقف راسخاً ثابتاً؛ يطير إلى المستقبل بجناحين: جناح الدين وجناح العلم فى خط متوازن، لا تشنج فيه ولا شطط؛ لا ينتقل عن مكانه إلى مكان فهو ماضٍ نحو المستقبل فى ثقة واتزان وانتظام، يأخذ بأيدى الأمة إلى بر الأمان فى فتنة صنعها مجموعة من المنتفعين ممن يدَّعون العلم والدين من أهل الفضائيات.
وشدد على أن الأمة قد فوضت الأزهر لهذا العمل الجليل وانتظرت منه هذا البيان فى قضية الطلاق، وتثق فيه هذه الثقة؛ لأن الأزهر بما يحمل من رؤية التعددية، والشمول والسريان فى الأمة جدير وحده بهذا العمل، لا يحمل هم الأمة المصرية وحدها ؛ ولكنه يحمل هم الأمة الاسلامية جمعاء.
فى غضون ذلك، طالب البرلمانى السابق ناجى الشهابى بوقف الجدل الدائر حول الطلاق الشفوى وإغلاق صفحته إلى الأبد بعد بيان هيئة كبار العلماء الحاسم، والذى أكد بوضوح وقوع الطلاق الشفوى المستوفى أركانَه وشروطَه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، وهو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبى - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحتى يوم الناس هذا، دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق.
ودعا الشهابي، الإعلام بكل أنواعه إلى الاستجابة إلى هيئةُ كبار العلماء بعدم إعطاء الفرصة لمَن "يتساهلون" فى فتاوى الطلاق، على خلاف إجماع الفقهاء وما استقرَّ عليه المسلمون، وأن يستعينوا بمن يُؤدُّوا الأمانةَ فى تَبلِيغ أحكامِ الشريعةِ على وَجهِها الصحيح، وأن يَصرِف الجميع (دولة وعلماء واعلام) جُهودَهم إلى ما ينفعُ الناس ويُسهم فى حل مشكلاتهم على أرض الواقع.
ورحب ناجى الشهابى، بما جاء فى بيان هيئة كبار العلماء من حاجة الناس إلى البحث عن وسائل تُيسِّرُ سُبُلَ العيش الكريم أكثر من حاجتهم إلى تغيير أحكام الطلاق وطالب الرئيس بحل مشاكل الشعب بتغيير الحكومة وسياساتها الفاشلة الخاضعة لشروط صندوق النقد الدولى، والتى خفضت قيمة الجنيه وزادت التضخم وتركت الأسواق نهبا للمحتكرين وكبار التجار فتضاعفت أسعار السلع الأساسية والحياتية مما صعب عليهم حياتهم وحولتها إلى معاناة حقيقية.
أحمد نبيوة
2556