تقرير القدس.. الأسبوع الثاني من سبتمبر 2018
انطلاقًا من الدور الريادي للأزهر الشريف ومسؤولياته تجاه قضايا العالم الإسلامي بصفة عامة، وقضية القدس بصفة خاصة؛ إذ إنَّها ليست قضيةَ شعبٍ أو حزبٍ أو عرقٍ، بل قضية كل المسلمين، وتأكيدًا على حقِّ الفلسطينيين في أرضهم ووطنهم، تتابع وحدتا الرصد باللغة العربيَّة والعبريَّة بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، عن كثب كافَّة المستجدات على الساحة المقدسية، وتبعات نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، وترصدان الانتهاكات الصهيونية بحقِّ المقدسات والشعب الفلسطيني.
يتابع التقرير مسار الأحداث ويتتبع أخبارها على مدار الأسبوع الثاني من سبتمبر، لعرضها على القارئ الكريم في ملفٍ شامل؛ إحياءً للقضية في العقل والوجدان العربي والإسلامي، ومحاولةً لإيقاظ ضمير العالم من سباته العميق.
أبرز العناوين:
- استشهاد ثلاثة مواطنين في الجمعة الـ25 من مسيرات العودة
- من فلسطين إلى لاهاي... والقضية "الخان الأحمر"
- اقتحامات صهيونية للأقصى في أول أيام السنة العبرية
- نتنياهو: إسرائيل تقدر جيدًا إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن
- الولايات المتحدة تضيق الخناق على المرضى الفلسطينيين
.......
استشهاد ثلاثة مواطنين في الجمعة الـ25 من مسيرات العودة
توافد آلاف الفلسطينيين، عصر يوم الجمعة، الموافق 14/9/2018، إلى مخيمات العودة الخمسة بالقرب من السياج الحدودي مع قطاع غزة، وقدرت أعدادهم بــ 13 ألف فلسطيني، وقام عددٌ منهم بحرق إطارات السيارات، ورشق جنود الاحتلال بالحجارة، فيما واصل البعض إطلاق البالونات الحارقة صوب المستوطنات، فيما سارعت قوات الاحتلال إلى إطلاق الأعيرة النارية وقنابل الغاز المسيل للدموع.
كانت وزارة الصحة الفلسطينية قد أعلنت استشهاد ثلاثة مواطنين في فعاليات الجمعة، والتي سُميت بـ"المقاومة خيارنا"، من بينهم طفل يبلغ من العمر 14 عامًا، بعد إصابته في رأسه، فضلًا عن إصابة 248 مواطنًا بجروحٍ متفاوتة، منها ست حالات وصفت بالخطيرة، وثمانية عشر طفلًا، واثنين من المسعفين. كما أعلن الناطق بلسان قوات الاحتلال أن عددًا من المتظاهرين قاموا بإلقاء قنبلتين يدويتين على مركبة عسكرية للقوات الصهيونية، لم تسفر عن إصابة أحد.
وقد ذكر في بيانٍ للهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة أن جمعة "المقاومة خيارنا" تأتي ردًّا على ما وصفته "خداع العالم لنا، وبعد فشل اتفاق أوسلو في ذكراه الـ 25، وذكرى انسحاب العدو الصهيوني عن قطاع غزة الصامد عام 2005م، ورفضًا لانحياز الإدارة الأمريكية للاحتلال ، وتأكيدًا على رفض صفقة القرن".
ووفق إحصائيات المركز الفلسطيني للإعلام، استشهد منذ انطلاق فعاليات مسيرات العودة، 184 مواطنًا منهم 27 طفلًا، وأصيب أكثر من 19 ألفًا آخرين، في قمع الاحتلال للمتظاهرين السلميين، إلى جانب اعتداءات قصف أخرى في أرجاء متفرقة من قطاع غزة.
من فلسطين إلى لاهاي... والقضية "الخان الأحمر"
توجه الفلسطينيون إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي؛ لاتهام سلطة الاحتلال الصهيوني بارتكاب جرائم حرب على أرض فلسطين.
كان أمين عام منظمة التحرير الفلسطينية "صائب عريقات" قد صرّح، الثلاثاء الموافق 11/9/2018، أن الفلسطينيين توجهوا إلى المحكمة الجنائية الدولية لاتهام الكيان الصهيوني بارتكاب جرائم حرب بعد قرار إجلاء التجمع البدوي "الخان الأحمر" قرب مستوطنة "كفار أدوميم".
ومساء الثلاثاء، أقام نشطاء فلسطينيون نقطة تجمع استيطاني تسمى الوادي الأحمر، تقع على بعد عدة مئات من الأمتار شرق القرية البدوية. وقد بنيت هذه النقطة احتجاجًا على عملية الإخلاء التي حصلت على الضوء الأخضر الأسبوع الماضي من قبل محكمة العدل العليا.
وقال "عريقات" في مؤتمر صحفي عُقد في مقر منظمة التحرير في رام الله، إن الشكوى المقدَّمة «دعت المحكمة إلى تحمّل مسؤولياتها المباشرة في التحقيق في الجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، بما فيها الجرائم المرتكبة في القدس الشرقية".
وأشار إلى أن الوفد الفلسطيني المتواجد في "لاهاي" طالب المدعية العامة بعقد لقاء مع سكان "الخان الأحمر"، والاستماع إلى تفاصيل ما يتعرضون له على أيدي سلطات الاحتلال.
جديرٌ بالذكر، أن محكمة العدل العليا الإسرائيلية كانت قد رفضت، الأربعاء 5/9/2018م، التماسات قدمها سكان تجمع خان الأحمر البدوي، وهي المرة الخامسة التي تقدم فيها التماسات للمحكمة. ودعا مبعوث الأمم المتحدة في الشرق الأوسط "نيكولاي ملادينوف" "إسرائيل" إلى الامتناع عن تدمير القرية البدوية، قائلًا: إنها "ستقوض حل الدولتين وتتعارض مع القانون الدولي".
اقتحامات صهيونية للأقصى في أول أيام السنة العبرية
شهدت القدس المحتلة، خلال الأيام القليلة الماضية، حملات صهيونية خبيثة من قبل منظمات الهيكل المزعوم التي دعت إلى اقتحامات موسعة للمسجد الأقصى تزامنًا مع رأس السنة العبرية، الذي وافق 9/9/2018م، بهدف إضفاء الصبغة الصهيونية على القدس الشريف والسيطرة على المسجد الأقصى وتعزيز فكرة بناء الهيكل المزعوم.
حيث قامت تلك المنظمات الصهيونية بحملات ليلية، خلال الأسبوعين الماضيين، وزَّعت فيها آلاف المنشورات على جدران الأحياء اليهودية في القدس مثل: "بني براك"، و"بيت شيمش"، كما نشرت إعلانات كثيرة عبر صفحات التواصل الاجتماعي؛ لتشجيع المشاركة في اقتحامات ساحات المسجد الأقصى المبارك، خلال الاحتفالات برأس السنة العبرية الجديدة، بدلًا من السفر إلى الخارج. وكانت من بين تلك الإعلانات: "أقبلوا، آنسوا قداسة بيت المقدس، فليقبل الجميع دون استثناء لأحد".
كانت حصيلة هذه الدعوات اقتحام ما يزيد على 250 مستوطن لساحات المسجد الأقصى المبارك، برفقة رئيس الاتحاد القومي الإسرائيلي الوزير "أوري أرئيل" والذي اقتحم ساحات المسجد الأقصى منذ ثلاثة أشهر حينما أعطى رئيس وزراء الكيان الصهيوني "بنيامين نتنياهو" الضوء الأخضر لنواب الكنيست والوزراء والمسؤولين بزيارة المسجد الأقصى، وقاموا بعمل جولاتٍ استفزازية تخللها رقص وغناء في ساحات المسجد وأداء طقوس وشعائر يهودية عند باب الرحمة، وقد رافقتهم شرطة الاحتلال مع فرض تشديدات أمنية حول ساحات الأقصى.
نتنياهو: إسرائيل تقدر جيدًا إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن
أشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" لن تترك مكتب المنظمة الفلسطينية مفتوحًا طالما يرفض الفلسطينيون بدء مفاوضات مباشرة مع الكيان الصهيوني الغاصب.
ووفق التقرير؛ فإن الدافع الرئيس وراء هذا القرار يكمن في رفض الفلسطينيين إجراء مفاوضات مباشرة وواضحة وذات جدوى مع "إسرائيل"، فضلًا عن المحاولات الفلسطينية لدفع المحكمة الجنائية الدولية لاتخاذ قرارات ضد "إسرائيل".
وقد جاء في التقرير أيضًا أن مستشار الأمن القومي الأمريكي "جون بولتون" سيهدد بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، حال استجابتها للمطالب الفلسطينية بالشروع في التحقيق ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، معلنًا أن الولايات المتحدة ستقف دومًا إلى جانب حليفتها إسرائيل.
ومن بين الإجراءات التي تدرس واشنطن اتخاذها ضد المحكمة الجنائيّة الدوليّة، منع قضاتها ومدّعيها من دخول الولايات المتحدة، فضلًا عن فرض عقوبات على أموالهم المودعة في البنوك الأمريكية، والبدء في اتخاذ اجراءات قضائية ضدهم في محاكم الولايات المتحدة.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها الولايات المتحدة عن نيتها إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية؛ ففي العام الماضي حذرت، أيضًا، الإدارة الأمريكية بإغلاق مكاتب المنظمة في واشنطن حال رفض الفلسطينيين إجراء مفاوضات سلام جاد مع "إسرائيل"، وذلك بسبب محاولة المنظمة مقاضاة مسؤولين "إسرائيليين" في المحكمة الجنائية الدولية.
ووفق القانون الذي أقره الكونجرس الأمريكي في ديسمبر 2015؛ سيفقد الفلسطينيون حقهم في استمرار فتح مكتبهم في واشنطن، حال دعمهم تحقيق المحكمة الجنائية ضد المسؤولين الإسرائيليين، الذين ارتكبوا جرائم بحق الفلسطينيين.
كان رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" قد رحَّب، صباح الأربعاء، الموافق 12/9/2018، بالقرار الأمريكي المتمثل في إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، قائلًا: "الولايات المتحدة اتخذت القرار الصائب، فالفلسطينيون يرفضون الشروع في بدء مفاوضات معنا، وفي نفس الوقت يعتدون علينا بالافتراءات العبثية في المحافل الدولية؛ ومن ثمَّ فإسرائيل تقدر جيدًا القرار الأمريكي، وتدعم الإجراءات التي تهدف إلى إيصال رسالة إلى الفلسطينيين مفادها أن رفض الدخول في مفاوضات، لن تدفع السلام قدمًا فقط، وإنما لن تفيد الفلسطينيين".
الولايات المتحدة تضيق الخناق على المرضى الفلسطينيين
لا تزال الولايات المتحدة تمضي قدمًا في تحقيق مآربها الصهيوأمريكية في القضاء على الفلسطينيين وإرهاقهم وتقليص سبل العيش في الأراضي المحتلة لا سيما القدس. ففي الأسبوع الماضي أوقفت الولايات المتحدة مساعداتها التي كانت تقدمها إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا".
وها هي اليوم تصفع الفلسطينيين مرة أخرى؛ حيث أفادت مصادر ناطقة باللغة العبرية أن حكومة "ترامب" قررت تخفيض حوالي 25 مليون دولار من تمويل النفقات الطبية في ستة مستشفيات في القدس الشرقية؛ جاء ذلك كجزءٍ من ممارسة الضغط على الفلسطينيين.
كانت الحكومة الأمريكية قد أعلنت، يوم السبت 8/9/2018، عن تخفيض المساعدات الممنوحة للفلسطينيين، لكن المستهدف هذه المرة مرضى السرطان وآخرين في المستشفيات الفلسطينية في القدس.
ووفق منظمة الصحة العالمية، قامت الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة بتمويل نفقات طبية للفلسطينيين، من بينها أمراض القلب وجراحة العيون وغسيل الكلى للأطفال.
وقد أعلن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" مؤخرًا أنه خفّض الأموال المحولة إلى الفلسطينيين للضغط عليهم للتقدم في المفاوضات مع "إسرائيل".
وقال "عدنان الحسيني"، وزير شؤون القدس في السلطة الفلسطينية، إن الخطوة الجديدة التي اتخذتها حكومة ترامب "ليست مفاجئة على الإطلاق" و"يجب أن تعلم أمريكا أن كل هذه الخطوات لن تغير موقفنا من هذه القضية على الإطلاق، بل على العكس، إنها ستعزز مواقفنا إزاء جميع القضايا، بما في ذلك قضية القدس".
وتُعد تخفيضات مساعدات المستشفيات هي الثالثة في سلسلة تخفيض مساعدات الفلسطينيين التي أعلنت عنها إدارة "ترامب" في الأسابيع القليلة الماضية.
وإذ يتابع مرصد الأزهر تداعيات الأحداث في القدس، وما يتعرض له الفلسطينيون من اضطهادٍ وهضمٍ للحقوق، وما يقوم به الكيان الصهيوني من انتهاكاتٍ لا يقرها عقل أو دين بحق المقدسات في القدس الشريف، فإنه يؤكد أن هذه الممارسات المتطرفة من قبل الكيان الصهيوني لن تغَيِّر من الواقع شيئًا، ولن تعطي هذا الاحتلال أيَّة صفة شرعية تُذكر.
وأن تاريخ القدس وحق الفلسطينيين فيه أظهر من أن يخفى وأوضح من أن يُذكر، كما يُثمِّن مرصد الأزهر ثبات الشعب الفلسطيني الأبيّ في مقاومة الاحتلال، مذكِّرًا إياهم أن الاحتلال وإن بدا متمكنًا فهو لا محالة إلى زوال.
4489