مأساة مسلمى الروهينجا

 

هل تنحصر المهمة في القضاء على "داعش" في العراق وسوريا؟!
Sameh Eledwy

هل تنحصر المهمة في القضاء على "داعش" في العراق وسوريا؟!

     لفت تنظيم داعش الإرهابي أنظار العالم إليه؛ من خلال تَبَنّيه سياسةَ عنفٍ قمعية ووحشية ضد كل من يرفضون الانضمام إليه واعتناق الأفكار التي يُرَوِّج لها، واستخدم التنظيم في سبيل تحقيق أغراضه أحدث التقنيات والوسائل الحديثة التي توصلت إليها البشرية في مجال الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي؛ من أجل تحقيق الانتشار على أوسعِ نطاق.
وقد عانت الكثير من دول العالم من ويلات الأعمال الوحشية والبربرية، التي قام بها أتباع التنظيم المتطرفون، وأسفرتْ عن تدميرِ دولٍ بأكملها، بما في ذلك مُقَدَّراتها وثرواتها ومعالمها الحضارية، والأهم من ذلك وَحدة شعوبها، ومن ثَمّ يجب علينا جميعًا أن نَتّحد من أجل القضاء على هذا الفكر المتطرف وأتباعه؛ لذلك تَكَوَّن التحالف الدولي، وأسفر تَضافُر الجهود عن دحر "داعش" في العراق، وقُرْب الانتهاء من دحره في سوريا كذلك.
بَيْدَ أنّ الحال ما بعد سقوط داعش في العراق وسوريا بات مقلقًا؛ إذ كان من المُتَوَقَّع أن يؤدّيَ تضافُر الجهود إلى القضاء تمامًا على داعش، ولكن يبدو من واقع الحال الآنَ أن الكثيرين من أعضاء التنظيم يتحوّلون من جهةٍ إلى أخرى.
 وكان مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، قد توقّع في تقريرٍ له، بعضَ السيناريوهات لوجهات عناصر داعش ما بعد سقوط التنظيم، وكان من بينها: التحوُّل إلى مناطقَ أخرى تُشبِه في بيئتها وظروفها البيئتين العراقية والسورية، ورجّح أن تكون أفغانستان هي الوِجهة الأقرب للتنظيم، نظرًا لتقارُب طبيعتها بدرجةٍ كبيرة من العراق؛ حيث يجمعهما تعدُّد الطوائف والأعراق، وأغلب الظن أن هذا هو ما وقع بالفعل؛ إذ أصدر التنظيم مقطعًا مرئيًّا (فيديو) بعنوان: "أرض الله واسعة"، يدعو أتباعه فيه إلى الهجرة إلى ما وصفه "بولاية خُراسان بأفغانستان".
وهنا يتعجب المرء؛ فكيف يسمح مثل هذا التحالف الدولي الذي تكوّن خِصّيصَى بغرض محاربة هذا التنظيم الإرهابي والقضاء عليه، بأن تنحصر مهمته فقط في طرد عناصر داعش من منطقةٍ معينة، ليتحوّل منها إلى أخرى، إن المنطق يقول: إن تحالفًا تَشَكَّل للقضاء على داعش لا بُدَّ وأن يتعقبه أينما حلّ، ولا يترك له مجالًا لكي يُكَوِّنَ جيوبًا ومعاقلَ جديدة، يسيطر من خلالها على بعض الأراضي والمُقَدَّرات التي تُمَكِّنه من العودة مُجَدَّدًا إلى ممارسة جرائمه البربرية.
إن محاربة التطرف تتطلب جهودًا وعملياتٍ استباقيّةً تقوم بها مختلف دول العالم؛ من خلال تنسيق الجهود وتبادُل المعلومات الاستخباراتية وتشديد مراقبة الحدود، بما يُعيق تَنَقُّل عناصر التنظيمات المتطرفة بحريةٍ من مكانٍ إلى آخَرَ، حيث يؤدّي هذا التنقُّل إلى استنزاف الطاقات وتبديد الجهود، ولا يعطي أيَّ أملٍ في القضاء النهائي على التطرف وأتباعه في يومٍ من الأيام.
وإذا استمرت مكافحة داعش بهذه الطريقة التي تسمح للمتطرفين بأن يتنقلوا من مكانٍ إلى آخَرَ، كلّما تَعَرّضوا لهزيمةٍ أو ضربةٍ قاصمة في وقتٍ من الأوقات، فإننا بذلك ندور في حلقةٍ مُفْرَغةٍ لن تُفضيَ إلّا إلى تمديد أجل التطرف وإعطائه الفرصةَ ليوَسِّعَ نطاقَه، ويُحْدِثَ المزيدَ من حالات القلاقل وعدم الاستقرار في أنحاءٍ متفرِّقة من العالم، وهذا بالتأكيد ما لا يريده أيُّ عاقلٍ ينتمي إلى هذا العالَم.

وحدة رصد اللغة الإنجليزية

 

الموضوع السابق الحرب البيولوجية سلاح داعش الجديد
الموضوع التالي بمناسبة مرور 54 عامًا على إنشائها.. الأزهرُ الشريف يُشيد بدَور إذاعة القرآن الكريم في خدمة الإسلام
طباعة
1859